|
القاهرة - فن - (رويترز):
استطاع المخرج التونسي شوقي الماجري إبهار جمهور مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بفيلمه «مملكة النمل» الذي يتناول تحديات الفلسطينيين ورهانهم على «استمرار المقاومة»، رغم القصف وهدم المنازل والجدار العازل. وحرص الجمهور والنقاد على حضور الندوة الخاصة بالفيلم والتي أقيمت، على المسرح الكبير بدار الأوبرا لمناقشة صناعه وأبطاله عن التفاصيل والأسرار الخاصة به. وعرض الفيلم مساء الأحد في المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي افتتحت دورته الخامسة والثلاثون الأربعاء الماضي. وأشاد الناقد السينمائي رفيق الصبان الذي أدار الندوة بالمخرج التونسي شوقي الماجري وببصماته المؤثرة في الفيلم، مشيرا إلى امتلاك الماجري أدوات خاصة جعلت المشاهد يشعر أنه مواطن فلسطيني بالفعل، كما أشاد بأداء النجم الأردني منذر رياحنة.
وأكد المخرج شوقي الماجري أنه وجد صعوبة كبيرة في تنفيذ الفيلم نظرا لعدم وجود ممول للفيلم لعدم تحمس العديد من المنتجين في تناول القضية الفلسطينية، وعلى الرغم من ذلك لم نسع إلى أي جهات أجنبية لتمويل إنتاج الفيلم، وأشار إلى أن عملية التصوير تمت في سوريا وتونس التي تم تصوير مشاهد الأنفاق والكهوف في باطن الأرض فيها، واصفا عملية تنفيذ الفيلم بأنها كانت صعبة للغاية.
وقال الماجري إن ما دفعه لتنفيذ الفيلم هو إيمانه بالقضية الفلسطينية وبمعاناة شعبها، وضرورة نقل صورة حقيقية للعالم ببشاعة ما يرتكبه الاحتلال من أعمال غير إنسانية ليس فقط في قتل الأبرياء وإنما قتل الحيوان وحرق الطبيعة وقصف المقابر وغيرها من الأمثلة، لافتا إلى أن الفيلم كان يحمل بين طياته العديد من المعاني المجازية المفتوحة. ويصنع فيلم (مملكة النمل) جماليات خاصة كما يحمل تحديات الفلسطينيين ورهانهم على «استمرار المقاومة» رغم القصف وهدم المنازل والجدار العازل الذي أقامه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارييل شارون.
ففي المشهد الأول صبية يتصدون بصدور عارية وبالحجارة لجنود يطلقون النار ثم تتراجع الكاميرا ليتصدر المشهد الجدار العازل مكتوبا عليه اسم الفيلم وصناعه مع رسوم لوجوه وطائرات وأشكال أخرى من فنون الجرافيتي التي صاحبت كثيرا من موجات الربيع العربي.
ولا يميل الفيلم إلى إطلاق شعارات ضد الاحتلال الإسرائيلي بقدر ما يسرد بهدوء قصة حب بين جليلة وطارق الذي يرجع إلى المنزل تمهيدا لزفافه فيدهم الجنود المنزل بحثا عنه وحين يفشلون في العثور عليه يطلقون قنابل مسيلة للدموع في أركان البيت تحسبا لاختبائه، لكن القوة تخلق قوة مضادة وفنونا من المقاومة بالحيلة أو المواجهة حتى إن زواج طارق وجليلة يتم في مكان سري أشبه بسرداب اسمه «مملكة النمل» يحفظ الذاكرة الفلسطينية للأجيال.
ويضطر طارق (الممثل الأردني منذر رياحنة) للهروب قبل ولادة جليلة (الممثلة الأردنية صبا مبارك) التي يتم القبض عليها وتلد في الزنزانة ابنها (سالم) وتواجه الضابط الإسرائيلي (الممثل السوري عابد فهد) بأنهم الآن صاروا ثلاثة «طارق وجليلة وسالم» وأن سالم سوف يسجل في شهادة ميلاده مكان الولادة وهو السجن «هنا في فلسطين. ابني ولد في فلسطين.» ويغيب طارق 12 عاما ويكبر سالم ويتولى أمره الجد (الممثل الأردني جميل عواد) الذي يعرفه بأسرار السرداب وجغرافيا البلاد وأن «لكل منا مملكة نمل» وأن فلسطين بحكم كونها نافذة بلاد الشام على البحر تصير موضعا لضربات الموج المتلاحقة ولكن «الضرب» يزيدها صلابة وتصير مقبرة «للغزاة».
ويشدد على أن الاحتلال يهدف إلى محو «الذاكرة الفلسطينية» ولو بالعدوان على المقابر التي تعد من الأسباب القوية لربط الجيل الجديد بأرض آبائه.
ومع توالي المواجهات وهدم المنازل يقتل الصبي سالم الذي لا يراه أبوه وتفشل أمه في التوصل إلى أي معلومات عنه ويرفض الضابط الإسرائيلي حتى أن يسلمها جثته. ولكن الجدة خضرة (الممثلة الأردنية جولييت عواد) تقول بثقة إن الصبي سالم «في القدس.. يا أسير يا شهيد» وتضيف وهي تراهن على الأمل أن «المقاومة شغالة».
وينتهي الفيلم بمشهد يجمع المحبين فوق أسطح المنازل وكل زوجين يتقاسمان ثمرة تفاح مرددين «صبرنا صبر الخشب تحت المناشير.. وايش صبرك يا خشب غير التقادير» وتنطلق الزغاريد التي تتحدى قوات الاحتلال.