لا أدري أيهما القط وأيهما الفأر: المستشفيات الأهلية أم شركات التأمين؟ لكن المؤكد أن «الفأر» يسلم في نهاية اللعبة ويكون المريض هو الضحية وهو الطرف الذي يُؤكَل!
يذهب المريض إلى المستشفى الأهلي ويدخل على الطبيب الذي يعيد على مسامعه السؤال الذي كان قد سمعه من موظف الاستقبال: «أنت كاش أم تأمين؟»؛ وهكذا يتحول المريض إلى «كائن مالي» فهو إما «كاش» يدفع من جيبه أو «تأمين» تدفع عنه الشركة!
وعندما يعلم الطبيب أن المريض «تأمين» يبدأ في التفنن في طلب تحليلات طبية ما أنزل الله بها من سلطان ولا يحتاج إليها المريض، لكنها أساسية وضرورية للمستشفى نفسه الذي يريد أن يستعيد قيمة استثماراته في الآلات والمختبرات التي كلفته عشرات الملايين من الريالات والتي قد تصبح خلال فترة قريبة غير ذات قيمة بسبب تسارع التقنية وتطوير آلات جديدة أفضل من السابقة.
أما المريض الذي لا يعلم إنْ كانت هذه التحليلات التي يطلبها الطبيب ضرورية أم لا فهو، لحظتها، يشعر أنه صار «سلعة» لا أكثر، لكنه أيضا لا يريد أن يغامر ويرفض إجراء التحليلات التي قد يتبين أنها ضرورية بالفعل، ولذلك يوافق على إجرائها رغم شكوكه ووساوسه.
عند ذلك تبدأ دورة جديدة من الإجراءات المالية والإدارية لأن الشركة لن توافق على دفع تكاليف جميع التحليلات! وهنا تبدأ المفاوضات بين المستشفى والشركة، وهي مفاوضات تنتهي في الغالب لغير صالح المريض. لكن المريض صار الآن مسكوناً بهواجس استقرت داخله في اللحظة التي أفهمه الطبيب بأن التحليلات ضرورية، ولهذا يجد نفسه مضطراً أن يدفع تكاليف التحليلات من جيبه. أما المستشفى فلا يهمه من أين تأتي «الفلوس» لأن الفلوس هي الفلوس سواء دفعها المريض أم دفعتها شركة التأمين!
هي إذن، بالفعل، لعبة مكلفة يكون المريض هو ضحيتها! هذا المريض الذي تلاحقه شركات التأمين والمستشفيات الأهلية بإعلاناتها المليئة بالوعود والتي تصله عبر هاتفه الجوال وفي التلفزيون والراديو والصحف والإنترنت وكل مكان.
من يحمي المريض عندما يثور الجدل بين المستشفى وشركة التأمين؟ لا أحد! فهو أعزل، ولا يملك معلومات، ولا يفهم المصطلحات القانونية الغامضة المكتوبة بخط صغير في وثيقة التأمين التي قَبِل بها عندما وقَّع على شروط الوثيقة مع الشركة. أما الشيء المؤكد فهو أنه عندما يحتاج إلى خدمات شركة التأمين لا يجد تأميناً ولا شركة بل يجد موظفاً عابساً لعوباً يزحلقه بمصطلحات قانونية يستعصي عليه فهمها!
ثمة حاجة ماسة وعاجلة كي تتدخل جهة ذات علاقة لإنصاف المشتركين في خدمات شركات التأمين وكل أطراف العلاقة. من هي هذه الجهة؟ لا أعلم، فقد تكون وزارة الصحة، أو وزارة التجارة، أو جمعية حماية المستهلك، أو جهة أخرى تتابع ما يجري ولا تفعل شيئاً.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض