يسهبون كثيراً في (اللت والعجن)، ويكثرون من دلق التساؤلات من نمونة (لماذا وكيف) و(كان ياما كان) وغيرها من الاستفهامات والتعجبات التي لا تنتهي وكأنهم يعيشون في كوكب آخر غير كوكبنا الذي نعيش فيه؟!.
ولأن سوق الحكي ماشي.. بل ويدر أرباحاً، ويطعم أفواهاً، و(يترس) جيوباً، وفوق ذلك كله فهو يفرض تجار هذه البضاعة على المتلقي رغماً عن انفه كنجوم لا غنى عنهم.. لهذا هم يحرصون على ألاّ تُقلب الصفحة؟!.
في برامجهم، وفي ندواتهم، وفي أطروحاتهم.. لا ينفكون يتساءلون ويكررون، ويزيدون، ويعيدون: ما الذي أصاب كرتنا، وكأن ما أصابها يحدث للتو، ولم يطُلّ برأسه منذ أكثر من عقد من الزمن.. وهكذا دواليك، وفي كل مرة تنتهي (حفلة) التساؤلات إلى المزيد من التساؤلات التي تدور في ذات الفلك، وعلى ذات الصفحة؟!!.
وحتى لا يُصاب المتلقي بالمزيد من الدوار والتململ.. لا بأس من إضافة بعض المحسنات الاستفهامية التي يتكرر ترديدها كثيراً من صنف: لماذا لم تعد (ديربياتنا) تكتسي وتكتسب ذلك الزخم، وذلك البهرج، وذلك الاهتمام الجماهيري كما كانت زماااااااااان؟!!.
فلا تدري ما الذي يقف خلف تكرار طرح مثل هذا التساؤل (الأبله).. وما الحاجة لتكرار طرحه.. أهي السذاجة أم (التساذج)، أو لعله نوعاً من (التميلح) وإيهام المتلقي بأن ذلك من قبيل التنويع في الطرح وتوسيع دوائر النقاش والبحث عن الحلول، وأنه الدافع لذلك، أما كونك تقتنع أو لا تقتنع فذاك شأنك طالما أن الصفحة ثابتة، والسوق ماشي، والحسابة (بتحسب)، يعني بالبلدي: (حُط راسك محل ما تحُط (....) حتى وإن كنت تدرك بأن العملية ما هي إلاّ (تدوير في تدوير)؟!!.
يحدث هذا على الرغم من أن أبسط مشجع للكرة يستطيع أن يشخص الحالة دون فلسفة، ودون تحليلات، ودون جدالات بيزنطية.
ذلك أن المزاج العام الكروي مُصاب بحالات من الاكتئاب والإحباط وفقدان الثقة نتيجة استمرار الأوضاع المتردية على كل المستويات، واليأس من إمكانية إعادة الأمور إلى نصابها، مما انعكس بالتالي سلباً على العديد من الجوانب التي منها الاهتمام والحرص الجماهيري على الحضور والدعم المفترض سواء على مستوى الديربيات، أو على مستوى غيرها من اللقاءات التي من المعتاد أن تكون جماهيرية.. إلى درجة أن الكثير من الجماهير الآن لم يعد لديها من الاهتمامات أكثر من تبادل الاتهامات بالمحاباة التحكيمية تارة، وأخرى بمعايرة هؤلاء لأولئك بأنهم انهزموا بالأربعة، فيردون عليهم بالقول: نحن هزمناكم بالخمسة وهكذا.. فيما المفترض أن يكون مستوى التباهي الجماهيري مرتكزاً على حجم وقدر تحقيق المنجزات، وعلى قدر وحجم ما تقدمه الأندية للمنتخبات الوطنية من عناصر فاعلة؟!!.
فمن يا ترى يقلب الصفحة (المملّة) عَلّ في الصفحة التي تليها قدراً من احترام (نباهة) ووقت المتلقي لكيلا يأتي اليوم الذي يجد (تجار الحكي) أنفسهم أمام الواقع الذي يقول: استمتعوا بالإنصات لحكيكم لوحدكم فلا أحد يستمع لكم.
ما أشبه الليلة بالبارحة؟!
عندما تسلم الأمير عبد الله بن مساعد مقاليد رئاسة الهلال عقب أن تعرّف عليه الوسط الرياضي كأنموذج مختلف عن المعتاد شكلاً ومضموناً، فكراً وتعاطياً وتعاملاً، في إطار من الحكمة والاحترام المتبادل من خلال العمل على إزالة الكثير من التشوهات المفتعلة بحق صورة وجسد العلاقات البينية التي تحكم أطراف المعادلات التنافسية والخطابية للأندية ومنسوبيها آنذاك.. وفرحنا وسعدنا بالفكر القادم لعل وعسى، ولكن.
بدأ الأمير في تطبيق مبادئه المثالية بنفسه وعلى ذاته.. فكان يخرج لوسائل الإعلام عقب كل مباراة يخوضها فريقه بصرف النظر عن نتيجة اللقاء، (باسماً) ومثنياً على الفريق المنافس، مشيداً بقدراته وبتاريخه وبمنسوبيه.. في الوقت الذي يقف المتحدث عن الفريق المنافس على الطرف الآخر من المشهد (متهكماً) وساخراً، و(مولولاً) لا يبقي ولا يذر من عبارات التقريع والانتقاص من شأن الهلال؟!.
مع تكرار ذلك المشهد بمعادلته غير المتكافئة قلنا: يا سمو الأمير.. المثالية من طرف واحد لا تختلف عن الحب من طرف واحد، الذي عادة ما يكون مصيره الفشل.. وقد كان.
وعندما تولى شقيقه سمو الأمير عبد الرحمن بن مساعد مقاليد الرئاسة وهو المعروف والمشهود له بالكثير من الصفات الحسنة تماماً مثل شقيقه، بدأ بالجهاد في سبيل تغيير الصورة النمطية الخطابية المشوهة إياها، جنباً إلى جنب مع السعي إلى إحداث نقلة نوعية في جانب العلاقات البينية للأندية خاصة فيما يتعلق بضرورة التعاون في ضبط مسألة الدخول في عمليات المزايدات عند الرغبة في التعاقدات قطعاً لدابر التلاعب والتخريب الذي كثيراً ما دفعت الأندية ثمنه غالياً.. فما الذي حدث؟؟!!.
الإجابة أنتم تعرفونها.