يتحدثون عن النفس «الذات» البشرية كثيرا, يجعلونها محور دوراتهم، وعلاجهم، واهتمامهم..
يطورونها هذا هدفهم، يزيدون من فاعليتها هذا محورهم، يعالجون آثار الزمن والمواقف التي تمر بها فتضعفها هذا توجههم،.. وقد نجحوا في الكثير من الحالات علاجا، وأصبح العلم في مجال النفس ضرورة تواكب ما يعتري البشر من الوهن، وما يتعرضون له من الأمراض.. تلك التي فتحت لها أقسام التخصص في مؤسسات التعليم العالي، وأصبح لها مراكز ومصحات لا تختلف أهميتها عن أهمية المصحات العلاجية الأخرى.. فلا تُلغى الحاجة إلى تقدير العلاج النفسي للعديد من الحالات المرضية، شأن النفس البشرية فيها شأن أي عضو في جسد الإنسان يحتاج إلى معالجة ما يعتريه, ويعتريها، لما تتسم به من تفاوت القدرات، واختلاف الأسباب التي تمرضها أو توهنها.. فيتطلع إلى الأخذ بها نحو المعافاة،..
غير أن الملاحظ أن غالبية الناس بدأت تركن إلى جانب العلاج النفسي، وركنت أمر الإيمان الداعم الأساس لقوتها جانبا.. مع أن الشأن الأول في أمرها هو دعمها بالإيمان، واليقين فيما وهبها الله تعالى من مزايا.
فهذه الذات النفس التي أتعبت أصحابها.. علم ربها الذي خلقها بعلمه تعالى أنها الإمارة بالسوء الذي يضعفها، فلا تقوى هي على مواجهة الحياة، أو يقوى فيها جانب الشر فتنقلب على الحياة ومن فيها، أو على ذاتها..،
هذه النفس هي في الوقت ذاته الآية العظمى بكل مكنونها, ومكوناتها بما فيه المادي من كيانها الحامل لها، ليتبصر فيها صاحبها، وليس غيره..
لماذا؟..، لأن الله تعالى قد منح المرء عقلا يعي، ويدرك، وروحا تشف، وتكشف، وقدرة بصيرة حين يضيئها الإيمان تقوى على الاستبصار في النفس التي هي ذات الفرد..
لذا كلما قويت في المرء أواصر الإيمان، تمَّلك زمام نفسه، وعوفيت من كثير مما يجعلها بحاجة للجلسات التي يقيمها المدربون، والمعالجون..
الملاحظ أن غالبية في المجتمعات البشرية ضعيفة توهمت ضعف قواها، ووهن أركانها، فخشيت، أو لجأت لمن يأخذ بها للنجاة من ذاتها، وللتعارف بذاتها.. بينما دعوة ربهم لهم بقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}..؟
فالبصيرة حين يكون الإيمان قويا، مكينا, قيما على النفس، تجعل المرء يملك زمام ذاته.. ويكون معافى في قواها، سليما في بِناها..
الإيمان الصادق هو ما يحتاج إلى دربة، ووعي، وفهم، وممارسة، وتطبيق, والتزام.. في الدرجة الأولى فيما يخص النفس، ذات المرء في ذاته..
والمؤمن كيس وواع، وهو من يمكنه أن يهز العالم بوعيه، ويبدد الجهل بثقته، ويؤسس للحكمة في ممارساته، وللسلامة في سلوكه.. لتكون الحياة على بصيرة..، حين لا يتوهم مرضها لأي عارض..، ولا يعينها على التخاذل عند أي طارئ..
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855