قد يكون اقتراحاً غريباً فالاقتصاد الوطني يمر بمرحلة ازدهار والإنفاق الحكومي ضخم من عدة سنوات وانعكس ذلك على القطاع الخاص بمختلف قطاعاته بأثر إيجابي كبير، إلا أن اعتراض بعض منشآت القطاع الخاص على إقرار رسم الألفين وأربعمائة على العمالة الوافدة والتي حسب القرار تتحملها المنشآت وليس العامل الوافد كشف عن عدم جاهزيتها لتحمل أي نوع من التكاليف مهما كان سببها ومن هذا المنطلق فأتمنى أن تقوم وزارة التجارة بعمل نموذج لاختبار قدرة القطاع الخاص على تحمل أي التزامات أو تكاليف أو أزمات قد تلحق به مستقبلاً للوقوف على وضعه المالي والإداري والتشغيلي على أن يكون النموذج متعدد حسب خصائص كل قطاع وأن يكون ذلك بالتعاون مع مجلس الغرف التجارية وأي وزارة أو جهة ذات علاقة لكي تكون النماذج ذات فاعلية ونتائجها واقعية تنعكس بأثر إيجابي على الاقتصاد الوطني بكل مكوناته فالاعتراض على الرسوم لا يقف عند حدود تكلفتها المحدودة، بل يضعنا أمام حقيقة قدرات هذا القطاع المهم والحيوي والذي يعول عليه أن يكون القائد في التنمية حالياً ومستقبلاً فسبق أن رفعت تعرفة الكهرباء على القطاعات التجارية قبل فترة قصيرة وجوبه باعتراض رغم أن التعرفة مازالت أقل من دول مجاورة.. كما أن القطاع الخاص يحظى بدعم حكومي كبير من حيث تكاليف الطاقة وأسعار الوقود ومزايا عديدة يحظى بها كل نشاط حسب خصائصه فهذه المزايا تتحملها خزينة الدولة للنهوض بهذا القطاع بعشرات المليارات سنوياً ومن الواضح أن جزء ليس بالبسيط من المنشآت ركزت على تحقيق أرباحها من خلال هذه المزايا دون تطوير حقيقي لآليات عملها الإداري والتشغيلي لتحقيق مكاسب ذاتية أكبر بتطوير التقنية في أعمالها عن ما هو موجود حالياً، والأمثلة كثيرة فقطاع البتروكيماويات مازال يأمل بإبقاء سعر اللقيم المدعوم عند وضعه الحالي وتعتبر العديد من شركاته أن أي تغيير بالأسعار للأعلى سيضر بالشركات رغم أن منافسيها عالمياً لا يحظون بأي دعم مما هو عليه بالمملكة ومع ذلك الكثير من المنافسين الدوليين يحقق أرباحاً طائلة رغم أن السعر المقترح التغيير له سيبقى أقل من أسعار الغاز اللقيم عالمياً بقرابة النصف، والحال نفسه ينطبق على الشركات الصناعية الأخرى إذ يبلغ إيجار المتر المربع بالمدن الصناعية ريال واحد فقط وتقوم الحكومة بأعمال التطوير لها كاملةً وأسعار الخدمات أيضاً تعتبر رخيصة جداً من ماء وكهرباء وغيرها، فلمذا لا يضع القطاع الخاص نفسه سؤالاً ماذا لو قامت الجهات الحكومية المعنية بتقديم الخدمات برفع الأسعار لتحقيق موارد مالية تضخها بتوسيع خدماتها، وماذا لو زادت حدة المنافسة المحلية بدخول شركات أجنبية أو انتقل مستثمرين محليين أو خليجيين للعمل بالمملكة خصوصاً أن الأخيرين أصبحوا يعاملون معاملات المنشآت الخاصة الوطنية بموجب اتفاقيات مجلس التعاون وقواعد السوق الخليجية المشتركة، فلابد أن يستعد القطاع الخاص الوطني لمختلف الاحتمالات خصوصاً ما يتعلق بالتنافسية فقبل فترة أقر الاتحاد الأوروبي رفع الدول الخليجية من قائمة دول المعاملة الخاصة وهذا سيصعب من تنافسيتها بتلك الأسواق الضخمة قطاعنا الخاص يحظى برعاية قل نظيرها ودعم حكومي كبير والاستفادة الحقيقية من كل ذلك للنهوض به هو بالبدء بتحويله لقطاع منتج حقيقي بمواصفات عالمية تنافسية فنحن عضو بمنظمة التجارة العالمية وقد واجهت العديد من شركاتنا تهم إغراق تمت تسويتها لكنها قد لا تتوقف وستتكرر ولذلك فإن القيام باختبار جهد خصوصاً للشركات الكبيرة والمتوسطة كبداية سيكون له أثر إيجابي كبير سيخدم المنشآت ويهيئها للتنافسية المحلية والعالمية وستستفيد تمويلاً وتشغيلاً وكفاءةً فالأصل هو دعم القطاع من خلال تطويره ذاتياً ورفع نسبة مساهمته بالناتج المحلي ولعل جزء هام من تعثر المشروع المطروحة من الحكومة آتٍ من عدم تنظيم كل منشأة كما يجب للتعامل مع أي ظرف يواجهها سواء خاص بها أو لظروف النشاط أو الاقتصاد.