لا جدال أن وزارة التربية هي اليوم وزارة المستقبل، دعوني أقرِّب لكم الصورة . من الصعب جدا أن تتخيل قيام دارة الملك عبد العزيز بتجنيد باحثين ينفذون دراسات وبحوث من أجل الخروج بمؤشرات تستشف التحديات المستقبلية القادمة، ومن ثم وضع أفضل الخطط لمواجهة تلك التحديات المستقبلية المتوقعة. في ظني أن مثل هذا الأمر لا يدخل أصلا ضمن اهتمامات الدارة، وبالطبع هذا لا يقلل من جهودها الكبيرة.
من جهة أخرى من الصعب جدا تصور قيام مؤسسات تعليمية (مدارس) تحترم رسالتها بالانكباب على الماضي والتوقف الطويل عند ذلك الماضي متجاهلة ما يواجهه طلاب اليوم من حاضر غاية في التعقيد، ومتناسية في الوقت نفسه ما ينتظر هؤلاء الطلاب من مستقبل مختلف يحمل الكثير من التحديات الشرسة، ويكفي هنا أن تعلم أن أكثر التخصصات المهنية طلبا قبل سنوات لم تعد كذلك اليوم. أخشى أن مدارسنا تتقمص اليوم في كثير من مناهجها وبرامجها دور الدارة.
بعبارة أخرى نقول انه لا خير في تعليم لا يزود طلابه بالمهارات والمفاهيم والقيم التي تساعدهم على فهم واقعهم المعاصر والتفاعل بصورة فعالة ومنتجة مع مشكلات ومتغيرات هذا الواقع، ولا خير أيضاً في تعليم لا يهيئ طلابه لمواجهة مستقبل فيه الكثير من المستجدات. إذا كنت تريد أن تعرف أي مستقبل ينتظر المملكة العربية السعودية فعليك فقط أن تدخل أقرب مدرسة إليك، ثم انظر بعين العقل والطموح حقيقة ما يجري فيها، وستعرف عندئذ حقيقة مستقبلنا.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود