المغرم بعشق وطنه تراه ينقـل فؤاده حيث شاء من الهوى والجغرافيا، حتى لتشك في تكوين دهاليز قلبه، وتجزم أنه لا يعدو عن إسفنجة تمتص المشاعر وتخزنها في تلك العضلة عجيبة التشكيل!
كنت في ضيافة الكرم كله، والعشق جله، منطقة حائل الحبيبة، وبالتحديد في النادي الأدبي للمشاركة في نشاط فكري عبر محاضرة حول حديث الصباح والمساء (المرأة السعودية: تحديات وطموحات).
ولم يُخلف الحاضرون من أهل تلك المدينة الحبيبة توقعاتي حول ما يتسمون به من مستوى راقٍ من الوعي ودرجة رفيعة من الثقافة، بيد أنهم فاجأوني بقوة طرح الأسئلة وتنوعها عدا عن الشجاعة والحضور التي تميزت بها سيدة حائل فضلا عن رجالها!!
كانت المحاضرة ذات شجون! ولاسيما فيما يختص بالمرأة السعودية التي اختطفت حقوقها بعد إقرارها شرعا وقانونا! فلا تعليم ولا عمل ولا علاج ولا سفر إلا بموافقة ولي أمر! وتعسف في الزواج والطلاق والحضانة والميراث، واستبداد في الولاية.
وحين يكون (الولي) واعيا مدركا لطيفا حنونا يشعر بمعاناتها فهو يعيد لها حقوقها متعجبا من خطفها منها وتسليمها له وتحميله إياها! وحين يكون مستبدا قاسيا فهو يقايضها على منحها حقها بمقابل مادي، أو يفاوضها بهدركرامتها. وحسبك من ولي مستبد مستقوِ!
وفي استعراض لمسيرة المرأة السعودية وما تسعى له القيادة وما تطمح هي له؛ نرى أن بعضهن ربما تنتقل لمستقبل تعيش به عصرا ذهبيا بعد أن عانت من عصرحجري دون المرور على عصور فضية أو برونزية! وأعني به تأهبها لدخول مجلس الشورى والمجلس البلدي دون استطاعتها قيادة سيارتها أوحتى إمكانية رؤية أبنائها بعد انفصالها عن والدهم!!
وثمة بون شاسع بين الحاجة والطموح! ونادرا ما تتحقق الطموحات مباشرة ولاسيما حين تكون بعد سلاسل الحاجة وقيود المعاناة، إلا ضمن مفهوم كيميائي صرف ينقل المرء من المرحلة الصلبة إلى مرحلة التسامي! كما يعيش المؤمن بين قمة الزهد وذروة التوق، فلا حرج إذاً حين تتوق المرأة السعودية لنيل حقوقها مع تكريم إضافي لمواطنتها.
وفي حين كنت بعد المحاضرة أتوجس حذرا من شظايا مداخلات قد تنتقد صراحة الفكرة وشفافية الطرح المتناهية حول قضية ما فتئت تثير جدلا واسعا بين الأوساط الاجتماعية التي لا ترتكز على قاعدة شرعية؛ إلا أن معظم التعليقات والأسئلة شكّلت إضافة رائعة على الموضوع، مما زاد ثقتي بالرجل بأنه الرهان القادم، حيث سيكون شريكا فعّالا ومساندا داعما في مسيرة استرداد المرأة حقوقها، ناهيك عن مدى إدراك المرأة لحقوقها وصمودها وصبرها وانتظارها انجلاء غيوم انفراد الرجل بتقرير مصيرها، وترقبها لبزوغ شمس المشاركة التي ستبدد سديم التعسف والظلم الذي عانت منه ردحا من الزمن.
وفي العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ستتوهج شمس المرأة، ويسطع نورها.. فقد طال ليلها، وآن انبلاج النهار!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny