مكة المكرمة - واس:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام (إن من أعظم مايستوقف الناظر ويبعث على المحاسبة الجادة قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ماسمع) رواه مسلم إنها المحاسبة الجادة والفحص الدقيق فمعاشر المسلمين للكلمة أثرها وللصورة مفعولها في أي وسيلة في خطبة أو مقالة أو محاضرة أو تغريدة من خطيب أو متحدث أو كاتب أو داعية أو معلق أو متابع وفي أي وسيلة من وسائل الإعلام والتواصل، وفي هذا الزمن في تقنياته واتصالاته وتدويناته وتغريداته ومواقعه وشبكاته وسيلتها كلها الكلمة والصورة، فويل للمتهاونين من المغردين والمتابعين، كم هي العواقب التي تكلف الكثير من الأنفس والأموال والجهود).
وأضاف فضيلته يقول (إذا تهاون الناس ولاسيما الفتيان والفتيات بما ينعتونه بالثرثرة الجماعية من خلال المجاميع التي ينظمونها أو ينتظمون فيها في هواتفهم وأجهزتهم بل يتسارعون لإحراز قصب السبق في نشر المعلومات أو تلقيها بقطع النظر عن صحتها أو دقتها أو خطرها بل الخطر فيما تؤول إليه من نتائج خطيرة على الدين والعقيدة وعلى البلاد وأهلها وعلى الأمن والاستقرار مما ينشر الإرباك والاضطراب بل الخوف والإرهاب ويزداد الخطر والخوف وسوء العواقب حين لا تعرف مصادر هذه الأخبار والإشاعات ولا أغراض نشرها وأهدافهم، فلا مصداقية ولا موثوقية هذه الوسائل والمواقع وسط خصب وبيئة الإشاعات والأخبار المختلفة والمختلقة والآراء والرؤى غير المسؤولة. وقال ان كثيراً ممن يشتمل بنقل هذه الكلمات والصور والأخبار الخطيرة هم الفارغون البطالون الذين ليس لديهم مايشغلون به أوقاتهم من الخير والنفع لهم ولدينهم وأمتهم وأوطانهم ويعلم المتابع العاقل فضلاً عن المتخصص أنهم لا في العير ولا في النفير الواحد منهم متكئ على أريكته وملازماً للوحته وعاكفاً على جهاز يلقي الكلام على عواهنه هنا وهناك، كم كلمة أو تغريدة قالت لصاحبها دعني وكم تدوينه تهوي بقائلها في نار جهنم أبعد مابين المشرق والمغرب في كلمات وصور ومقاطع تستهزئ وتسخر من مكونات مجتمعه وكأنه قد تطوع ليسود صورته أمام الآخرين ويوثقها صوتاً وصورة وكأنه مأجور ليدمر نفسه ويهدم بيته ويتنكر لهويته). وتساءل فضيلته قائلاً (هل هؤلاء يوسعون الآفاق أو يحفرون الأنفاق؟ هل هم يبنون أو يهدمون؟ هل هم يجمعون أو يفرقون؟ هل يزرعون الأمل أو يقودون لليأس؟ هل يرفعون من مقام أهلهم وأوطانهم أو يحقرون الذوات ويسحقون النفوس، إن ما يفسده هؤلاء المساكين الاغرار في لحظات قد لا يمكن علاجه في سنوات).
وبين فضيلته أنه ثمة قضية أخرى مرتبطة بالقضية السابقة وهي أكبر وأخطر بل قد تكون أثراً من آثارها أو هدفاً من أهدافها إنها أمن المعلومات بل الأمن على الدين وثوابته وأصوله والأمن على الأوطان ووحدتها وتماسكها، هذه التقنيات والوسائط والمواقع جعلت المسؤولية أعظم وجعلت مفهوم الحرية أدق فالحر هو المسيطر على نفسه الضابط لها بضوابط العقل والدين والعلم والحرية هي التخلص من قيود الشهوات وسجون الرغبات والحر هو المسؤول الذي يفكر بانضباط لا بانفلات مؤكداً أن هذه التقنيات فضحت بعض الذين يودون التفلت من عيون الرقيب ناهيك برقيب الدين والضمير والأخلاق والمبادئ.
وأبان فضيلته أن المراقب لبعض القوى الإقليمية والدولية الذين يحاولون أن يذكوا الصراعات الطائفية والقبلية والمذهبية والمناطقية في منطقتنا يحاولون أن يذكوا الصراع ثم يوظفوه ليقطعوا الدول ويبعثروا الشعوب ويشردوا الناس ليتوزعوا الغنائم ولا يهمهم البتة ولا يكترثون لمصالح شعوب المنطقة وأهلها أماتوا جوعاً أو تفرقوا شيعاً أو تنافروا طوائف أو تقطعوا أحزاباً والسعيد الحكيم من وعظ بغيره.
وقال (نحن في هذه البلاد الطاهرة ترك لنا الآباء والأجداد وطناً موحداً وآمناً بلداً كريماً عريضاً واسعاً مترامي الأطراف عليه ولاة أمر جادون حازمون في المحافظة على هذه الوحدة وعلى هذه الأمة تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وخدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما، فيجب أن تقدر هذه النعمة الكبرى وأن يحافظ عليها وتورث للأبناء ثم الأجيال من بعدهم بإذن الله لينعموا بما ننعم به من أمن وإيمان وخير وفضل.