كانت لحظة استثنائية وتاريخية تلك التي أطل فيها قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الوطن أجمع، بعد نجاح العملية الجراحية التي أجريت له، وتماثله -حفظه الله- للشفاء بفضل من الله تعالى. فبعد طول انتظار وترقب، جاء الموقف مهيباً ومؤثراً وجميلاً حقاً، وستبشر الجميع بتلك الإطلالة الرائعة، لنتبادل بمشاعر الفرحة الغامرة التهاني والتبريكات، مصحوبة بدعوات انطلقت إلى السماء ولم تتوقف تلهج إلى الرب الكريم بالشكر بأن أسبغ على مليكنا المحبوب ثوب الصحة والعافية، وأن يبقيه ذخراً لوطنه وأمته العربية والإسلامية.
غني عن القول بأن تلك المشاعر الجياشة هي تعبير صادق، نابع بشكل ثري ومتدفق، من قلوبنا إلى صاحب القلب الكبير -والدنا الشهم الكريم- عن مدى الحب والولاء والوفاء العميق الذي يكنه له رجال ونساء هذا الوطن المعطاء، أطفالاً، وشباباً وكهولاً في سائر مناطق المملكة ومحافظاتها وقراها، وأصبح الحدث حديث البيت والشارع، والأمة أجمع وسيطر بشكل عميق على المشهد والمكان واللحظة.
لم تكن ردة الأفعال متكلفة؛ بل جاءت وبلا حدود عفوية وفورية ومتوقعة، فقد بادلوا العطاء بالوفاء، والإخلاص بالولاء، لم لا؟ والملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بشخصيته الإنسانية والقيادية الفذة، استطاع أن يأسر القلوب بجهده المتفاني الذي سخر له نفسه ووقته لراحة الجميع، فآتى ذلك كله الثمار وتجلت مساحته الرحبة في عصر زاهر، يؤكد نظرة إستراتيجية عميقة، فاستطاع القائد الباني في سبع سنوات خضر بأيادي بيضاء تتسم بالرعاية والاهتمام أن يحقق من خلال مشروعات غير مسبوقة، وبكرم لا يوصف قفزات نوعية في سائر مناحي الحياة السياسية والاقتصادية، والتعليمية، والصحية والاجتماعية. ولعل المتأمل لقطاع التعليم العالي كنموذج لذلك، كافية لمعرفة حجم الدعم اللا محدود الذي لقيه من خادم الحرمين الشريفين نتج عنه مدن جامعية عملاقة في كافة مناطق وطننا الغالي، والعديد من محافظاته ذات بنى تحتية وخدمية ومساندة متكاملة تضم العديد من الكليات والمدن الرياضية والمستشفيات والفنادق ومراكز البحوث التي انعكست بشكل إيجابي وفعال على الحركة التعليمية والاقتصادية والعمرانية والصحية بصورة غير مسبوقة، كما جسد برنامج خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للابتعاث الخارجي مشروعاً استثمارياً في العقول البشرية السعودية قادر -بإذن الله- أن يسهم في نقل بلادنا الغالية إلى عالم أكثر إشراقاً وتقدماً.
لم تنحصر مكانة خادم الحرمين الشريفين الرفيعة في داخل حدود المملكة، فحسب، بل أصبحت بإسهاماتها وعطاءاتها، ورؤيتها الثاقبة إحدى أبرز الشخصيات المؤثرة على المستويات العربية والإسلامية والعالمية، فعرف دولياً بأنه رجل السلام والأمن والحوار، صاحب السمة الإنسانية الفريدة التي تجلت لشعوب العالم في أكثر من موقف أثر في نفوس الكثيرين وأعاد البسمة على شفاههم.
لقد أكدت المشاعر التي عبر عنها المواطنون والمواطنات في مجالسهم، وعبر وسائل الاتصال، بصدق وجلاء على عمق الترابط بين القيادة والشعب وتجسد مشاعر الحب والولاء التي يكنها أبناء المملكة العربية السعودية لولاة أمرهم -حفظهم الله-، وتؤكد بشكل جلي متانة اللحمة الوطنية بأجمل صورها وأصدقها، وبهذه المناسبة الغالية على قلوبنا أرفع لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين ولسمو سيدي ولي العهد وللأسرة المالكة، وللشعب السعودي الكريم أصدق التهاني بمناسبة شفائه... حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهد الأمين لوطننا المعطاء، ووفقهم للخير وسدد خطاهم.
- نائب وزير التعليم العالي