الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين اللهم لا راد لقضائك لك الحمد على كل حال وفي كل حال: أنا هنا أهنئ ولا أرثي، فالموقف أكبر من أن يرثى، ولكن أهنئ الرجل المثابر، والقدوة الحسنة في الأداء الذي عمل بصمت، وتفانى بلا أضواء، حتى استطاع أن يأسر قلوب كل من تعامل معه، واستطاع أن يؤلف قلوب هذه الجموع الغفيرة، التي امتلأت بها مساحات المسجد على كبر مساحاته، ثم سارت في موكب عفوي مهيب خلف جنازته، حيث اكتظ الطريق من المسجد إلى المقبرة بالسيارات، أولها في المقبرة وآخرها عند المسجد تقديرا وحبا لهذا الرجل المعطاء.
فبالأمس القريب فقد التعليم بمحافظة السليل واحدا من أعلامه الأفذاذ، الذي نسأل الله له الرحمة - إنه الأخ العزيز (حمدان بن سعد آل عشوان - مدير مدرسة الأبناء الابتدائية بمحافظة السليل) - رحمه الله رحمة واسعة.
الذي زاملته عشرات السنين، وكان لي شرف المسئولية في المدارس التي عمل بها، ثم في القطاع الذي يعمل به، حيث كنت مشرفا لمدارس الأبناء بالسليل، ثم مساعدا لمدير قسم الثقافة والتعليم.
وأشهد الله، ثم أشهد الجميع أنني لم أعهد هذا الرجل إلا مخلصا منتجا في كل ما أسند إليه من أعمال، معلما مبدعا، يشهد بذلك كل من فاز بتعليم ابن له على يدي هذا المبدع، فقد أنتج أبناء بالصف الأول الابتدائي قرأوا جملا، ومقاطع من خارج كتبهم في صحف أو كتب أخرى، وهم لم يكملوا الصف الأول بعد، فكانت له بصمة مختلفة على هؤلاء الناشئة، ثم مرشدا متميزا في أعمال الإرشاد الطلابي، ثم إداريا ناجحا بكل المقاييس، متحمسا للتجديد، والابتكار، لدرجة أنه صرف الكثير من حسابه الخاص، عندما يدفعه شغفه للإبداع لإنجاز أي عمل في صالح أبنائه الطلاب، وخصوصا عندما يصطدم بعقبة عدم توفر الإمكانيات عند مسئوليه، وهذا قليل من العطاء الذي يعلمه كل من عرف هذا الرجل من داخل قطاع التعليم وخارجه، مما أكسبه إجلالا، وإكبارا لدى هذه الجموع التي احتشدت لتوديعه، والتي لم يسبق أن رأيت مثلها في جنازة بمحافظة السليل.
فتبكيك القلوب قبل العيون يا حمدان - أسأل الله جلت قدرته أن يجعل ما قدمت في ميزان حسناتك، وأن يجزيك خير الجزاء لقاء ما أسديت لمجتمعك، ووطنك، ووداعا يا أباسعد؛ سائلين الله أن يجمعنا بك في جنات النعيم..
عبد الله محمد العوجان