التميز والنجاح في الشأن الإداري من الأهمية بمكان، وهو قبل أن يكون نظريات وخططا تنظيمية قدرة وإجادة لأسلوب العمل والتعامل بين عناصر الإدارة من جهة، وبين تلك العناصر والعناصر المستفيدة من دورها الخدمي باعتبارها قطاعا حكوميا قضت المصلحة العامة إنشاءه لتقديم نوع من الخدمات للأمة.. ولهذا فلابد من أن يقوم بدوره خير قيام، ومثل ذلك لا يأتي بغير تميز في أداء القائمين عليه بدءا من أسلوب عملهم وتعاملهم فيما بينهم الذي يجب أن يكون متميزاً ومثالياً وصولاً للشيء نفسه مع المتعاملين والمستفيدين من ذلك القطاع أيا كان مجاله وما يقدمه من خدمات للمواطنين، ومن هنا تأتي الأهمية للتطرق لتجربة هي من الأهمية بمكان وننقلها كما قالها بنفسه الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله-.. وكما جاءت في كتابه الشيق (حياة في الإدارة) حيث يقول كنت أتابع بنفسي الترقيات وأستطيع أن أزعم أنه لم يكن هناك موظف منسي واحد في الوزارة.. كان كل موظف يستكمل شروط الترقية يحصل عليها تلقائياً.. ويضيف وكان كل موظف يرقى يستلم رسالة تهنئة شخصية مني.. وكانت هناك رسائل شخصية لكل موظف نشاطره الأسى في المناسبات الحزينة والفرح في مناسباته السعيدة وقوله.. أعطتني الدولة الفرصة للحصول على أعلى الدرجات العملية.. وكنت حريصاً على أن يحصل العاملون معي على الفرصة نفسها وكان المبدأ نفسه ينطبق على التدريب في الداخل والخارج.. مثلما حرصه على معاملة كل العاملين معه في الوزارة وتخصيصه ليلة في الأسبوع لهذا الغرض.. وطوافه على الموظفين بمكاتبهم مثلما الطواف على الموظفين لتهنئتهم بالعيد.. إلى هنا يأتي التساؤل أين بعض من كبار المسؤولين بالدولة من هذه التجربة الناجحة وهذا الأسلوب الإداري الرائع والمتميز.. رجل ناجح بكل المقاييس ورمز وطني له مثل هذا النجاح مثلما له من وهج في مجالات الفكر والأدب والسياسة.. فارس النثر والشعر قدم نفسه كنموذج ومثل.. فلماذا لا يصير الاقتداء به من قبل المسؤولين الآخرين والارتقاء بمفهوم الإدارة والمواطنة.. ولماذا نرى العكس من ذلك في الكثير من القطاعات الحكومية التي بالكاد يعرف فيها الموظف مدير الإدارة التي يعمل بها، فما بالنا بمن هم في أعلى السلم الوظيفي لهذا القطاع أو ذلك.. ممن لا يصير اللقاء بهم حتى خلال الاحتفال الرمزي الذي يقام بمناسبات الأعياد.. حتى ان كبار المسؤولين لا يعرفون من أعمال وزاراتهم إلا من خلال الأوراق التي توضعلى مكاتبهم المغلقة والمحاطة بتوحش الهيبة التي لا مبرر لها.. إن العالم يتغير ويتطور ويزداد فيه مستوى الوعي ذلك العالم الذي أصبحنا جزءا منه بعد أن صرنا إلى ما صار إليه وبعد أن حصل أبناء الوطن على أعلى الدرجات العلمية ومن أرقى جامعاته.. فحري بالمسؤولين لدينا وجلهم من النخب المؤهلة أن يحذو حذو ذلك النموذج د. غازي القصيبي ويجعلون منه ومن نهجه وأسلوبه في الإدارة خير قدوة.. ليس هذا فحسب وحتى في الوطنية التي يأتي أحد رموزها رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ووفق الجميع لبلوغ مواطن الصواب.