إذا كان غير صحيح ذلك الكلام الذي تنشره بعض الصحف الأجنبية هذه الأيام عن إجراءات جديدة تم البدء بتطبيقها هنا في المملكة لتمكين الأزواج من متابعة سفر زوجاتهم إلى خارج البلاد إليكترونياً عن طريق إرسال رسائل لهم بالهاتف الجوال لتنبيههم بسفرهن، فينبغي صدور بيان سريع لتكذيب ما تنشره تلك الصحف. وإذا كان بالفعل يوجد مثل هذا الإجراء فإنني أتمنى إلغاءه لأنه ينطوي على إساءة بالغة للمرأة السعودية بجعلها موضع شك وقصور، كما أنه ينطوي على تشويه لسمعة البلد أيضا فلا يوجد بلد آخر في العالم ينظر إلى المرأة بهذه الطريقة التي تجعلها أشبه ما تكون بالعبد المملوك الذي يخشى سيده من هروبه!

لقد نشرت صحف كثيرة جداً خارج المملكة هذا الخبر الذي قالت إن تطبيقه قد بدأ مؤخراً، فخرجت تعليقات ساخرة تحمل الكثير من التجريح لبلادنا وثقافتها ودينها ومسؤوليها. ولا أعتقد أن التشويه الذي يتسبب به مثل هذا الإجراء يمكن إصلاحه أو تعديله، فالعالم كله يتفرج علينا ونحن نعامل نساءنا بهذه الطريقة التي تنطوي على الشك العميق الصريح المؤلم تجاه المرأة وإساءة الظن بها حتى يثبت العكس!

إننا إذا أردنا أن نواجه الحقيقة فما علينا إلا أن نتأمل واقع بعض الرجال الذين يسافرون إلى الخارج وينتهكون القيم الدينية من خلال ممارسات غير أخلاقية. وبكل أسف بعض هؤلاء الرجال متزوجون وبعضهم مسنون ولكنهم يتصرفون بشكل أسوأ مما يتصرف به المراهقون.

إن بعض الأزواج يكذبون على زوجاتهم ويدّعون أنهم يسافرون في مهام رسمية إلى مدن في الداخل أو حتى إلى العمرة، ثم ينفضح أمرهم بسبب مصادفات عارضة لتكتشف الزوجات أنهم كانوا في رحلات إلى أماكن مشبوهة ومعروفة بالفساد. ولا أظن أن أحداً قد نسي القصة الشهيرة لذلك الزوج الخليجي الذي أوهم زوجته أنه مسافر إلى مكة المكرمة لكن الله فضحه عندما تم اختطاف الطائرة التي استقلها والتي كانت متجهة إلى مدينة أخرى من مدن الصخب والترفيه غير البريء!

لا أدري لماذا ولا كيف نصل إلى هذه المستويات من الإبداع والتفنن في التعامل مع التقنية عندما يتعلق الأمر بسفاسف الأمور، بينما يُبدع الآخرون في استخدام التقنية لاختراع واكتشاف الجديد من الوسائل والأدوات التي تسعد البشرية في التخلص من الأمراض ومن المعاناة والألم.

ترى هل ستتفتق أذهان من اقترحوا هذا الإجراء عن إجراء مماثل يُمَكِّن المرأة من تعقب زوجها وأين يسافر أم أن الأزواج فوق الشبهات؟!