منذ إنشاء مجمع الملك لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، وهذا الغرس المبارك يؤتي ثماره يوماً بعد يوم، وجاءت ثمرات هذا الغرس لتشمل العالم أجمع بطباعات متعددة للمصحف الشريف وبمختلف القراءات والأحجام، إلى جانب ترجمة وطباعة العشرات من تراجم معاني القرآن الكريم باللغات الأجنبية، وقد أسهم المجمع، وبشكل كبير، في تلبية حاجة المسلمين من المصاحف وتراجم معاني القرآن والتفسير، بل وعالج ما كان يحصل في الطباعات القديمة أو الحديثة من أخطاء طباعية لا تتناسب ومكانة المصحف.
ومازال المجمع يواكب التطورات التقنية من خلال إصدارات حاسوبية سبقها أيضاً تسجيلات صوتية لأئمة الحرمين ولشيوخ القراءة، وكانت هي الأخرى محل قبول وتلبية حاجة لجودة إنتاجها فنياً, وضمانها وسلامتها تجويداً وتلاوة، وشمل ذلك ما يخص الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب الكبيرة والصغيرة بمختلف أنواعها إلى جانب برامج وأنشطة تحسب لهذا المجمع كعقد العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية المتخصصة في رحاب المدينة المنورة.
ومؤخراً صدرت موافقة معالي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ على أن يتضمن التنظيم الإداري للمجمع قسماً جديداً يتولى مختلف مراحل إنتاج مصحف المدينة النبوية بطريقة برايل, تلبية لرغبة المكفوفين من المسلمين.
وقد تم تعميد الإدارة التنفيذية للشركة القائمة على تشغيل المجمع لتأمين أحدث الماكينات والأجهزة اللازمة، بعد أن أقامت أمانة المجمع بتحديد مواصفاتها، وزيارة عدد من الفنيين للمصانع المنتجة لهذه التقنية في عدد من البلاد الأوروبية، واختيار الأحدث والأفضل منها، كما تم تعميد الشركة بتدريب فنيين سعوديين لمختلف مراحل إنتاج المصحف بطريقة برايل.
وقد عهد من المجمع دقة الإنتاج، واستخدام أفضل عناصره من مواد وتجهيزات وكفاءات فنية، ومن المؤكد أن إنتاج «برايل» من قبل المجمع يأتي إضافة جديدة لإنجازاته باعتبار تخصصه في هذا المجال، وله أدلة على ذلك من إنتاجه السابق من المصاحف، والترجمات، والتسجيلات.
إن نتاج هذا المجمع المبارك شهادة في سجل التاريخ لهذا البلد المعطاء المبارك الذي لم يأل جهداً في خدمة الإسلام والمسلمين، وكتاب الله الكريم، والعناية به، وهو شاهد من شواهد العطاء. فعلى ما يزيد على خمسة وعشرين عاماً، والمجمع ينتج مئات الملايين من الإصدارات التي توزع بالمجان، وتهدى للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا العمل المبارك «طباعة المصحف بطريقة برايل» لم يكن غائباً عن اهتمام القيادة الرشيدة، حيث كان تحت إشراف وزارة التربية والتعليم. وبمباشرة المجمع لهذا العمل المتخصص فإن روح التفاؤل لدى شريحة كبيرة من أبناء المسلمين من المكفوفين ستكون عالية لما عهدوه من المجمع المتخصص من الجودة والإتقان وحسن الإنتاج.
والله نسأل أن يجعل هذا العمل وما سبقه من أعمال جليلة في خدمة القرآن الكريم وأهله والعناية به نشراً وتوزيعاً، وقبل ذلك عملاً، في ميزان حسنات ولاة الأمر في بلادنا، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لخدمة الإسلام والمسلمين، وأن يبقيهما ذخراً لذلك، وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والإيمان وخدمة الإسلام والقرآن.
alomari1420@yahoo.com