1 - مزج الشيء أي خلطه.. وكل شيئين امتزجا أي تداخلا.. وسمى أبو حنيفة الشهد مزجاً لأنه مزاجُ كل شراب حلو طيب.. وفي «صحاح اللغة» مزاج البدن: ما رُكُب عليه من طباع.. وتتردد على ألسنتنا أقوال منها: «مالي مزاج» لتبرير عدم القيام بواجب.. أو «مزاجي كان متعكراً» للاعتذار عن سوء تصرف بدر منا.
2 - المبدعون هم أكبر ضحايا المزاج فكثير منهم - إن صدقاً وإن كذباً - يخضعون في إنتاجهم الإبداعي للمزاج.. فهناك من ينتظر لحظة التجلي فيمضي العمر دون إبداع.. وهناك من يبحث عن المزاج من خلال الكيف الممنوع.. فيدمن عليها وتقضي عليه.
3 - المزاج تفاعل كيميائي يحصل في الدماغ لكنه يمكن أن يتأثر ويتشكل بتأثير خارجي.. وهي في الغالب حالة متطرفة لا وسط فيها.. وبالأحرى لا أحد يعرف وسطها من طرفها.. فهناك من يقضي حياته تتقاذفه مضارب المزاج من طرف إلى طرف.. وهؤلاء لا يعيشون استقراراً نفسياً ولا عملياً ولا حياتياً.. وهناك من مزاجه حالة راكدة مستقرة وهؤلاء يستفزون البعض فيصفونهم بأنهم متبلدي الإحساس.. وهناك من يصنع مزاجه بقدرته الاتصالية.. وهناك من يصنع مزاجه بشراب مسكر أو عقار مخدر.
4 - عندما يروق المزاج تبدو كل الأشياء حسنة وجميلة وحينما يتعكر تنعكس الآية.. فباعتدال المزاج تعجبنا الملامح، ونستمتع بالمذاق، ونستلطف التصرفات، ونتقبل الآراء والأفكار، ونرضى بواقع الحال، وترتفع لدينا روح التسامح والعطاء والرغبة في أن نكون اليد العليا.. من هنا يقول علماء النفس إن البؤس أو السعادة في الإنسان لا يقاسا بواقع حالته المجتمعية أو بمقدار النكد أو الهناء الذي يعيش فيه.. بل يُقاس بمزاج الضحية.. فهناك من بالشقاوة ينعم بقدر ما هناك من يبتئس بالنعيم.
5 - ولأن المزاج حالة نفسية داخلية لذلك فهو متقلّب سريع التأثر وهو قبل كل ذلك ملول.. والملل هو عدو المزاج الأول.. فالمرء يمكن أن يحمي مزاجه من المؤثّرات الخارجية لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك مع أي مؤثّر داخلي.. من هنا فإن المستقر في حياته هو من يستطيع أن يكيّف مزاجه ليكون مناسباً لظروفه وليس من يكيّف ظروفه لتكون مناسبة لمزاجه.
6 - صنف الإغريق الناس إلى أربعة أمزجة.. تبعاً لغلبة أحد أخلاط الجسم على الأخلاط الأخرى.. وهي الصفراوي والبلغمي والدموي والعصبي.. أما الصفراوي فيمتاز بالطول وأن أطرافه طويلة ومزاجه حركي.. أما البلغمي فهو ثقيل ذو شحم كثير ونشاطه بطيء.. وأما الدموي فهو كثير الحركة عنيف الانفعال.. أما العصبي فهو خاضع لسيطرة الانفعالات العصبية.. ويتميز بضخامة الجمجمة فوق جسم نحيف.
7 - كل منا له مزاجه الخاص.. فاختلاف أمزجتنا باختلاف وجوهنا.