الإشاعة تشبه دخان المصانع وعوادم السيارات ومولدات الكهرباء ومواخير السفن الأسود الذي يدنس الجو والأرض والبيئة ببراثين قاتلة لا يجدي معها محو ولا إصلاح ولا عمليات تجميل، هكذا هي الإشاعة تشوّه الصفاء والبياض وتدمي النقاء وتطوح بكل جماليات الحياة، وتصبح كالعار أو الرجس المحرّم لا يجدي معها صرخة ولا استجداء ولا بكاء،
تخرج الشائعة من نفوس سقيمة ليتم تداولها دونما وقفة أو تأمل، ودونما تدبر أو تمحيص، وتنقلها الأفواه إلى الأفواه دونما حدود ولا نقاط عبور ولا لوحات تفتيش ولا جمارك ولا أسوار عالية ولا خرائط جغرافية، لتحلّق بسرعة الصوت الهادر فوق فضاءات يحددها مشيعوها سلفاً لتظل تكبر وتكبر حتى يكتشفها الناس لاحقاً بأنها بهْت وعارية عن الصحة، وأن مطلقيها ليس لهم أي مصداقية ولا أي كياسة أخلاقية، هكذا الإشاعة لها قبح وليس لها جمال، لها سواد وليس لها بياض، لأن عجلاتها دائماً ما تمر في ممرات ضيقة ودروب عسيرة يملؤها المكر والخديعة، لأنها مبنية أصلاً على ادّعاءات كاذبة لاستشراف الحقيقة التي يحاول مطلقوها ومشيعوها إصابة شرعية مزعومة لأهداف تبدو نبيلة في ظاهرها لكنها تلفق كل ذرائعها الممكنة والمستحبة للوصول إلى أهدافهم الخسيسة والدنيئة والخبيثة، إن الإشاعة مجرد كذب وبهتان وفسق، وإن مشيعيها ومطلقيها وحابكي سردها مجرد لصوص محترفين لإخفاء الحقيقة، إن للإشاعة فيروسات خطيرة، بل أحياناً مميتة. ويقيناً مني وإن تزيّنت بالصدق وحاولت مقاربته ستظل الإشاعة مجرد وغامة عفنة قصدها وغرضها سيئ خصوصاً إذا ما دفعت رغبة الإشاعة بالثأر للذوات الفردية أو الجماعية أو الكيانات، إن مطلقي الإشاعات وراسميها وحابكيها وناقليها هاجسهم الوحيد هو التلويث والتشويه والتعرية، لذا نجدهم يتابعون بدقة الخط البياني لتلك الإشاعة ومدى حركتها في ذهنية ونفسية المتلقي وتغييرها وتبديلها كلما اقتضت الحاجة والغاية والهدف، إن الإشاعة مرض خبيث وأصحابها خبثاء محترفون يؤدون أدوارهم على مسارح الجريمة والإجرام بتناه عجيب، هكذا هي الإشاعة تكون دائماً صادمة ومخيفة تطرق الأبواب ناقلة الكذب والتزوير لا يقصد منها سوى التشويه والتشهير والغدر، مشيعوها يتلبسون الحقد والحسد ليسقوه الآخرين لتجف آبارهم وتيبس مزارعهم وتصفر أوراقهم وتصبح أرضهم بوراً خراباً لا تنتج إلا شوكاً وحنظلا. إن محترفي الإشاعة مثل ذلك الذي يحاول باستماتة إخراج رأسه من القفص الزجاجي لأنه لا يعير أهمية إن جرح الزجاج رأسه، إن على الجميع عدم الالتفات إلى الإشاعات ولا على مطلقيها لأنها مأزق وضعت في طريقهم لكي لا يبدعوا ولا ينتجوا ويموت عندهم الطموح، هذا ما يريده المشيعون، لأن بريق النجاح والإبداع المشع يمتص كثيراً من روح إشاعاتهم وأقاويلهم التي زيّنوها ومن ثم أطلقوها، إن على الجميع ألا يطيلا النظر لثمار الإشاعات الفاسدة، ويتركوا بقية الثمار اليانعة، وعليهم أيضاً أن يبحثوا بجدية متناهية عن الهواء العليل الخالي من أي فيروسات ويستنشقوه، إن محترفي الإشاعات قد يستطيعون الاختباء خلف ستائر إشاعتهم ردحاً من الزمن لكن لن يستطيعوا خداع الناس كل الوقت وكل الحين.
ramadanalanezi@hotmail.comramadanjready @