كان الليل طويلاً وثقيلاً وممزوجاً بما ساده من خوف وقلق وترقّب وانتظار، وإن تسيَّده الدعاء والرجاء والأمل بالله العلي القدير، وإن صاحبه تعاطف لا ينتهي بين الشعب وصاحب الوعد الصادق، في شعور ينبض من قلوب صادقة ومواطنين مؤمنين أحبوا في عبدالله بن عبدالعزيز إنسانيته وعاطفته وحسن إدارته ودأبه وجلده وصبره وإخلاصه في خدمة الشعب وحماية الوطن.
***
كان ليلاً طويلاً سهره الجميع بانتظار الخبر السار، والفرح القادم، والبيان الذي يطمئن الشعب، والنتائج التي تتناغم مع ما تمنيناه من نجاح للعملية مع الدعاء بأن يحقق الله للقائد الذي أحبنا وأحببناه الصحة والعافية وطول العمر، بينما كان عبدالله بن عبدالعزيز يسلّم أمره لله الواحد الأحد، ومن ثم لمباضع الجراحين في عملية امتدت لساعات طويلة، وأخذت من الوقت أكثر مما قدّره وتوقّعه المواطن المحب والمخلص لمليكه.
***
وها نحن مع قرب بزوغ الفجر من هذا الليل الطويل، ومع أصوات المؤذنين التي تؤذن بقرب دخول موعد صلاة الفجر، نلتقي بانتشاء مع الفرح القادم، مع ما كنا بانتظاره من أخبار سارة، فالعملية الجراحية لخادم الحرمين الشريفين - كما أعلن الديوان الملكي- تمت - ولله الحمد - بنجاح، مع وضع المواطن بكل تفاصيلها ضمن ما عوّدنا عليه عبدالله بن عبدالعزيز بأن يكون تعامله مع شعبه بوضوح وشفافية، وبالتالي أن يكون على علم ودراية بنتائج العملية الجراحية بوصف كل المواطنين إخوانه وأبناءه وحقهم عليه أن يكونوا قريبين منه وعلى علم بذلك.
***
أجل: لقد كان عبدالله بن عبدالعزيز في ذلك الليل الطويل حاضراً على ألسنتنا ومهجنا ونبض عواطفنا، وهو بهذه الصورة الجميلة وبكل ملامحها ومن مختلف زواياها، إنما يفجّر طاقات من الحب بينه وبين مواطنيه، ويزرع مع شعبه مبادلة الوفاء بالوفاء، في رحلة تحمل من المضامين والإشارات والدلالات ما يعزِّز استمرار هذه الصورة بكل هذا البهاء لعلاقة متميزة ومتجذرة بدأت وسوف تستمر بين القائد وشعبه.
***
ومن حقنا الآن مع هذه الأخبار السارة أن نبتهج وأن يكون تفاعلنا كبيراً وعلى هذا النحو، وبهذا السقف العالي، فسلامة المليك من سلامتنا، وصحته تاج على رؤوسنا، وهو -أبداً- الملك الذي تعبّر عنه آمالنا ويقود تطلعاتنا وطموحاتنا بكل هذا القدر الذي تحكيه وتتحدث عنه المشروعات العملاقة في مدننا وقرانا، ما لا نملك معه إلا أن نقول شكراً وعوفيت ووفقت في كل خطوة من خطوات إنجازاتك في هذا الدرب الطويل.
***
ولا بد من القول - وباختصار شديد - أن كل مشروع أُقيم على يدي عبدالله بن عبدالعزيز، وكل إنجاز تحقّق بتوجيه منه، وكل موقف إنساني صدر عنه، ومع كل كلام جميل وصل إلى شغاف قلوب شعبه، أو حديث لامس اهتمامات وهموم مواطنيه، إنما هو الجسر المضيء والعلامة المشرقة لهذه العلاقة وهذا الارتباط بينه وبينهم، وبالتالي فهو يمثّل كل هذا الحب الذي يحمله ويكنه الشعب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
***
فهذا نهر من الحب يتدفق إخلاصاً وصدقاً بين عبدالله ومواطنيه، فقد حكمت - أيها الملك - بعدل ومساواة، وأمنت للوطن والمواطن مظلة أمن لا نجد مثلها في دول عربية كثيرة، ولم تسمح لنفسك ولبلادك أن تنزلق في أتون حروب إقليمية تقضي على الأخضر واليابس، ونأيت بالمملكة عن أن تكون طرفاً أو مشجعاً في أي نزاعات إقليمية إلا ما كان ذلك لصالح أمتك واستقراراً لوطنك وحماية لدينك، فأنت تدرك ما لا يدركه غيرك من الخطورة في افتعال بعض قادة الدول والمنظمات العربية لحروب وصراعات تنتهي دائماً لصالح العدو، ولا تحقق لنا إلا الدمار الشامل والمزيد من الشهداء، ولنا بمثل ما يجري الآن في سوريا وغزة وغيرهما الدروس والعبر التي يجب على الجميع أن يستوعبها ويتعلّم منها.