بقلم: جون بالدوني :

أرى اليوم أشخاصًا كثيرين يعدّون التسوية أمرًا سيئًا، وتخليًا عن المبادئ. والواقع أن الرَّغبة في التَّوصُّل إلى تسوية تشير إلى قناعة كبيرة بأن المؤسسة تأتي في الطليعة.

إلاّ أن التَّوصُّل إلى تسوية صعب جدًا لسوء الحظ. وبإمكانك أن تبدأ بفهم وجهة نظر الشخص الآخر أو الجماعة الأخرى. وغالبًا ما يمنعنا غرورنا من رؤية ما يراه الآخرون والأسس الموضوعية لقضيتهم.

وفي أحيان كثيرًا، يصبح ذوو الإرادة القوية منهمكين بقوة أفكارهم إلى حد يمنعهم حتَّى من التدقيق في وجهة نظر الغير. وعندما يحصل ذلك، يخسرون أيّ فرصة للتوصل إلى تسوية.

وبهدف فهم وجهة نظر شخص آخر بطريقة أفضل، قم بتوجيه الحديث من خلال طرحك أسئلة وتصريحات مفتوحة مصممة للحث على الكلام:

- أخبرني عن (كذا)

- ما الذي يجعلك تشعر بهذه الطريقة؟

- كيف يمكننا تحسين الأمور؟

- ساعدني على فهم المشكلة بوضوح أكبر.

وإن لم يُجدِ الكلام نفعًا، تقضي طريقة أخرى لفهم على نحو أكبر باختبار وجهة نظر الشخص الآخر شخصيًا.

فعلى سبيل المثال، بإمكانك زيارة زميلك في مكتبه ومحاولة فهم القوى التي تصقل وجهة نظره على نحو أفضل. حاول الجلوس برفقة المسؤول عنه. وإن كان بدوره يرفض التسوية، فقد تذهب قدرتك على التفاوض مع مرؤوسه هدرًا، ولكن الأمر يستحقُّ العناء. وقد لا تنجح التسوية في هذه المرة، ولكنَّها قد تكون ممكنة في موعد لاحق.

وإن اصطدمت بعقبات، دع الاحترام يكون شعارك، فالاحترام يرسي أسس الثِّقة المتبادلة التي تسهّل التسوية إلى حد كبير. كما أن الاحترام يسمح للأشخاص الطيبيِّن بالاختلاف، وبشدة أحيانًا، من دون أيّ عدائية. وهو أمر يسمح لك بالتحرر لتوجه عواطفك إلى العمل على أمر بنّاء.

وفي نهاية المطاف، من الضروري أن يسلّط القادة تركيزهم على حاجات مؤسستهم لتحقيق النجاح. ولكنَّه ليس ضروريًّا أن تكون مسؤولاً تنفيذيًّا لتترك الانطباع ذاته. وبإمكانك قيادة أمثالك عبر كونك مثالاً صالحًا لهم، كي لا يتبعك الأشخاص لأنهم مضطرون، بل لأنهم يرغبون في ذلك - ولأنهم يحترمون وجهة نظرك وقدرتك على إِنْجاز الأمور.

(*) جون بالدوني هو رئيس شركة «بالدوني كونسالتنغ» التي توفر خدمات كاملة في مجال التدريب وتطوير القيادة.

وكان أحدث كتبه بعنوان «دليل الجيب للقائد: 101 أداة ونصيحة وتقنيَّة ضرورية لأيِّ وضع» The Leader›s Pocket Guide: 101 Indispensable Tools، Tips and Techniques for Any Situation).