في ظل التجاذب الإقليمي، والدولي بشأن عبور الأزمة السورية، تقف المصالح الروسية في سوريا، حائلا أمام أي محاولة لاستمالتها؛ من أجل تغيير موقفها من أزمة سوريا. وهو ما تؤكده مصالحها، ذات الطبيعة السياسية الإستراتيجية، والعسكرية، والاقتصادية، -إضافة- إلى الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في ميناء طرطوس. فروسيا تتفاعل مع عوامل داخلية، وخارجية، وتنظر إلى مصالحها -الطويلة المدى-؛ لتوطيد مكانتها الجيوستراتيجية في الشرق الأوسط، وخلق توازن في موقعها في العالم العربي؛ لمواجهة الهيمنة الأمريكية عن طريق بقائها في سوريا.
لا غرابة -إذن-، أن تقدم روسيا دعما سياسيا لسوريا في المحافل الدولية، فسوريا بالنسبة لها، تعتبر الدولة المحورية المهمة في الشرق الأوسط. وأمام هذا المشهد السياسي المعقد، الرافض لإزاحة نظام الأسد، تقف المصالح الروسية -هي الأخرى-؛ لتزيده تعقيداً، وتشابكا، في ضوء إصرارها على ضرورة الحوار بين النظام، والمعارضة، والبعد عن فكرة الإطاحة بنظام بشار الأسد.
إن حسابات المصالح الروسية، زادت هي الأخرى من تعقيدات الأزمة، حتى بعد رحيل النظام الحالي، وهو ما تحرص عليها روسيا في مرحلة انتقالية؛ لضمان مصالحها، وموقعها في المنطقة. فمصالحها الذاتية، هي العامل الحاسم في موقفها -سابقا ولاحقاً-. وإذا كان هناك شبه إجماع من أغلب دول العالم، على ضرورة إحداث تغيير فعلي في الموقف الروسي؛ لأن الإشارات الإيجابية ليست كافية، فقد جاء تعقيب -معالي الشيخ- حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني -وزير الخارجية القطري-، في تصريح صحفي عقب انتهاء الاجتماع الوزاري المشترك مع الاتحاد الروسي، بأن: «لدينا وجهة نظر، وأصدقاؤنا في روسيا الاتحادية لديهم وجهة نظر، ولم تتطابق هذه الوجهات».
أمام هذا الارتباك في المصالح الدولية، فإن قراءة مستقبل الأحداث في سوريا، تؤكد على: ضرورة العمل على حل الأزمة السورية على نحو سلمي، دون اللجوء إلى أي عمل عسكري، قد يفاقم أزمات لا حصر لها في المنطقة. مع الأخذ بعين الاعتبار، أن التطورات القادمة، ستؤدي إلى بروز متغيرات إقليمية جديدة، وسيعاد رسم خارطة القوى، والتحالفات في المنطقة، وهو ما يعتبر تحديا جذريا، يواجه السياسة الروسية.
drsasq@gmail.com