|
جدة - صالح الخزمري:
قالت د. حياة سندي الباحثة السعودية العالمية في مجال التقنية الحيوية أنه لا بد أن يقدم الإنسان شيئاً لمجتمعه وأردت أن أسهم في دور المرأة السعودية في التعليم، لذلك لا بد من الصبر على مرارات البدايات لكل طالب علم في المهجر وأنا تحملت بجلد ظروفاً كادت أن تعيدني لبلادي لولا أن وضعت هدفي نصب عيني وتحملت في سبيله الكثير، لذلك وعدني البروفسير كنغ أنه وبعد تجربتي لن يجعل طالباً يمر بما مررت به من آلام البدايات، وهذا شيء بسيط وعمل طيب يشرفني أن أقدمه لأبناء بلادي لتسهيل العقبات التي واجهتني.
وقالت في تعليق لها حول آخر الأبحاث لعلاج الربو ليلة الاحتفاء بها باثنينية خوجه. قالت د. حياة سندي: بالرغم من أن أبحاث أمراض الرئة والصدر هي أبحاث قديمة منذ حوالي 200 سنة، إلا أنه وللأسف حتى الآن لم يتم العثور على علاج نهائي لمرض الربو، وذلك لتعدد أسبابه والعناصر التي تساهم في تهييجه، وكل الأدوية التي تم اكتشافها تساهم فقط في تخفيف نوباته، وكل الأجهزة التي تم اختراعها تعمل فقط على تقوية الجهاز المناعي والجهاز العصبي والجهاز التنفسي لمقاومة شدة النوبات وتقليل مرات حدوثها، ولكن للأسف لم يتم الوصول لحل نهائي، ما دفعني لإجراء أبحاث في هذا المرض في بداياتي هو إصابة والدي بهذا المرض وما شاهدته من معاناة يلاقيها عند اشتداد النوبات.
وفي تعليق لها حول جهاز التشخيص المبكر الذي اخترعته، والمساعدة التي يمكن تقديمها لمحاربة السمنة، قالت د. حياة سندي: هنالك ابتكار خصصته لكل نساء العالم يعمل على تخفيف الوزن ومحاربة السمنة، لم أجد تشجيعا من رجال الأعمال أو الشركات المستثمرة لأن هذا الاختراع قد لا يشكل مورداً مربحاً لأنه بأقل تكلفة حتى يكون في متناول يد كل نساء العالم، ولكن محاربة السمنة لا يمكن أن يتم علاجها باختراع جهاز أو دواء وإنما يجب تغيير نمط حياتنا لتكون فعالة، وممارسة الرياضة لزيادة التركيز والنشاط والحيوية، وتناول الطعام المفيد، وكل ذلك يمكن أن يكون وقاية من المرض تمكن من تلافيه قبل وقوعه. يأت بذلك إلى إعادة التكامل بين المسارين المسجد - السوق لتصحيح مسيرتنا فنحن فخورون بها.
من جانبه قال عبد المقصود خوجه مؤسس الاثنينية.. عالمتنا الفذة سعادة الدكتورة حياة سليمان سندي، تقف إنجازاتها العلمية المبهرة برهانا على خصب أرضنا المعطاءة بالعقول النيرة، والطاقات الإبداعية الخلاقة، التي أهلتها لنيل جائزة مكة المكرمة للتميز العلمي والتقني.
وأضاف: شكلت موضوع «التقنية الحيوية» مبحثاً علمياً تصدت لمسالكه الشائكة، باعتباره «علم المستقبل».. استطاعت أن تتجاوز به أحلام طفولتها إلى تخوم تتماس مع أحلام البشرية، للخلاص عبر العلم والمعرفة من أوجاع وأدواء.. ساهمت ضيفتنا في ابتكار العديد من وسائل تشخيصها ومعالجتها بصورة ميسرة ومتاحة للفقراء.
أيها الإخوة -كما تعلمون- أن «علم التقنية الحيوية» الحديث، يعد من أكثر المباحث إغراقا في المنهجية المادية لكون منطوقاته ونظام برهانه يعتمدان على التجربة المعملية المحسوسة.
فكيف وُفقت ضيفتنا العزيزة في عقد قران موفق بين جذورها الروحانية، وهي ابنة مكة المكرمة، التي يتردد في فضائها وجنباتها أروع نشيد عشق تبثه الأرض للسماء.. وبين «المادية المفرطة» التي تسم هذا التخصص العلمي وبخاصة في مهاجر بحثها العديدة في الغرب، آملاً أن تتحفنا الضيفة الكريمة بسرد أهم محطات هذه الرحلة في أقاليم المعرفة العلمية الكثيفة في ماديتها، والعرفان المعطرة جنباته بصدى تراتيل الروح ومزامير شغفها الشفيف بكل ما هو غير مادي ومحسوس.
لم يقتصر نشاط ضيفتنا الكبيرة على البحث العلمي كمشروع إسهام في خدمة الإنسانية فحسب.. بل شاركت بحيوية متدفقة في نشاطات أخرى تستهدف غايات إنسانية نبيلة مثل «تحقيق السلام العالمي» ونبذ العنف والإرهاب والتطرف.. التي تقارب في قوتها التدميرية ما تفعله «الفيروسات والجراثيم والأوبئة» وقد سلكت عالمتنا الكبيرة «سبلا غير ذلولة» في ابتداع تقنيات كشفها ومقاومتها، مما حدا باليونسكو إلى اعتمادها سفيرة للنوايا الحسنة.
لم تنس ضيفتنا في ذروة نجاحاتها العديدة بدول الغرب المتقدمة ورغم ما يسلط عليها من أضواء باهرة.. وطنها العزيز فكانت تصر على هويتها وانتمائها لهذا الكيان المعطاء في كل مناسبة.. فأسست بجدة مع مجموعة من الزملاء معهد «التخيل والبراعة» غير الربحي، لخلق بيئة مناسبة للشباب، من الجنسين في ميدان العلوم والتكنولوجيا الهندسية في منطقة الشرق الأوسط، ليكون معينا لتحقيق ما تحلم به لوطنها من تنمية علمية لم تبلغ بعد -رغم خطواتها المتسارعة- ما ترنو إليه من مواكبة لما يحدث في العالم من فتوح معرفية مذهلة، وإنجازات تقنية محيرة.. تؤكد ضيفتنا بما حققه مشروعها ومنجزها العلمي من اختراق لاحتكار الغرب وتفوقه البائن في هذه الميادين.. أن عقلنا العربي قادر على المشاركة الفاعلة في صياغة «مستقبل أكثر إشراقا للبشرية» متى ما توفرت له الإمكانات المناسبة من مراكز بحثية، ومناهج تعليمية وقبل ذلك كله: من بيئة أكثر انحيازاً للعقل والمعرفة، لا الخرافة واجترار بهاء الماضي.
لعلنا حين نحتفي بضيفتنا الكريمة، نسهم ولو بقدر يسير في إذكاء التساؤل عن موقع «العلم والعلماء» في محيطنا العربي، وكيف السبيل لإيقاف « هجرة الأدمغة العربية الخلاقة إلى الغرب» حيث الرعاية والتشجيع والإمكانيات المادية، التي لا تنقصنا، وإنما نحن بحاجة ماسة إلى التوظيف الأمثل لهذه الإمكانيات في مجال «الاستثمار في المعرفة» الذي يعني الرهان على المستقبل.