تُشكِّل أعداد الشباب في مجتمعنا السعودي حوالي60 % من مجمل عدد السكان، ويرقب الآباء بوجل مصير أبنائهم المحير، وينادي المخلصون بوجوب سن سياسات عمومية موجهة لهذه الفئة المهمة من حيث نسبتها وأدوارها، وضرورة إيجاد وسائل تحدد توجههم الصحيح الذي يصب في مصلحة أمتهم وفيما يعود عليهم بالنفع. وإن لم يتم التوجيه بالطريقة الملائمة فإن المراهنة على صلاحهم فاشلة! مع اليقين بأن مسؤولية الشباب لا تختص بها وزارة أو إدارة معينة بقدر ما ينبغي أن تكون مهمة جميع قطاعات الدولة.
يتطلع الشباب وأسرهم لتعيين سمو الأمير الشاب محمد بن نايف وزيراً للداخلية بكثير من التفاؤل الممزوج بالأمل بأن يكون الوزير الجديد قريباً من الشباب متلمساً احتياجاتهم، مقدِّرا طموحاتهم، مبتدئاً برنامجه الوزاري بالاطلاع على ملفهم الشائك ابتداء من بطالة تفت في عضدهم، مروراً بمنافسة شرسة من وافد أجنبي، وليس نهاية بتحديات سياسية تعصف بمن حولهم فتكدر صفو حياتهم وتولد لديهم حيرة وقلقا.
وحين أتحدث عن الشباب فإني أستحضر ماضياً مريراً وحاضراً لا يخلو من المرارة، فيه عاش بعض أبنائنا ضحايا ترويج فكر موجه نحو الجهاد غير المنضبط، فأوجدوا وسائل ملتوية لمغادرة بلادهم والهروب من أحضان أسرهم ليرتموا في جحور سجون أفغانستان والعراق حتى تفتتت أكباد أمهاتهم كمداً عليهم. وبعضهم عاد مستورداً معه ذلك الفكر الضال ليقتل مواطنيه ظلماً وعدوانا دون إدراك لما يفعل!!
يا وزير الداخلية وأنت تخطو خطواتك في وزارة قد عركتها ومضغت عودها المرّ؛ فإن نفوس الأمهات والآباء تهفو لقرارات حكيمة تعيد للشباب ثقتهم بأنفسهم وتجدد فيهم الدماء وتجعلها تتدفق ليس في أجسادهم فحسب؛ بل في شرايين الوطن.
نستشرف يا سمو الأمير أن تجتمع ببعض الشباب - وكلهم محب لك - وتشعرهم بإيمانك المطلق بمواطنتهم وثقتك بولائهم وتطلعك لعطائهم، فقد ملّوا من تذكيرهم الدائم بالنواقص والثغرات التي تشعرهم بعدم قدرتهم على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعهم، وتكرّس فيهم الاستسلام واللامبالاة والانهزامية! فلعل كمة منك - يا سمو الأمير - تُذكي في نفوسهم جذوة العمل التي لن يستقيم بناء الوطن إلا به، وتدعوهم للمشاركة الاجتماعية والمساهمة في التنمية، وأنه مهما كان اعتمادنا على الوافدين فهو أمر مؤقت.
ابعث فيهم - يا سمو الأمير - نفحة من المسؤولية كي يحترموا قانون المرور فلا يتحايلون عليه، ويعلموا أن الغرامات مؤقتة لحين انتشار الوعي، واستيعاب أن الطريق ملكية مشاعة للجميع حتى لا تُزهق أرواح بريئة.
استحلفهم بالله ألا يقتربوا من المخدرات والمسكرات فهي فتاكة ومهلكة. وأن يتجنبوا التطرف والغلو في الدين فهو صد عنه وتبغيض له. وأن لا يحملوا أسلحتهم بأنواعها ويروعوا خلق الله، وأن يحافظوا على نفوسهم الغالية فهي ليست ملكاً مطلقاً لهم.
إن أهمية فتح ملف الشباب تأتي من الإيمان بكون مستقبل بلادنا في يد شبابه، وتخصيص جزء من الاهتمام بهم واستقراء آرائهم ليس ترفاً، ولكن ضرورة تفرضها الحاجة للاستثمار في مواطن الغد.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny