|
الجزيرة - ليلى مجرشي:
يواصل مؤتمر الطفولة المبكرة فعالياته لليوم الثالث والذي قدم خلاله ثماني أوراق عمل وثلاث جلسات وقد استهل البروفيسور ادوارد ملويش أستاذ التنمية البشرية ومدير معهد دراسة الأسر والأطفال والقضايا الاجتماعية بيربك، جامعة لندن الجلسات بمحاضرة رئيسة كان عنوان (النهج الشامل لرعاية وتربية الدراسات التي توضح نشاطات الطفل في مراحل طفولته قبل وخلال دخوله للمدرسة)، كما ذكر البروفيسور خلال المحاضرة أن الطفل يتعرض لمخاطر في حياته منها تدني التعليم والتصرفات غير الاجتماعية، وعدم الاهتمام بالأطفال.
وأكد البروفيسور: «أن الطفل يحتاج للتدخل المبكر والتشخيص المبكر في عوامل الخطر والتدخل الفعال والوقاية. كما عرض البروفيسور دراسة بريطانية للأطفال قبل سن المدرسة تقول: «إن هناك 123 من الأطفال الأمريكان في عمر الثلاث سنوات ليس لديهم برنامج معين لذا يجب تبني هذه البرامج لرؤية النسب التي حدثت فيما يتعلق بمشاكل الانتظام للبالغين الذين كانوا ينشئون دون برامج للرعاية «كما يرى من خلال محاضرته «أن الاستثمار في الطفولة كل دولار يعود بـ7.16% من الدولار فيما بعد» كما أجريت دراسة على 300 طفل وقد وجدنا أن عدداً من الأطفال لم يصله التعليم المبكر كما قمنا بجمع العديد من البيانات على المراكز الخاصة برعاية الأطفال ما بين سن الولادة وحتى 3 سنوات كما قدمت دراسة حول الأنشطة التي يحبها الأطفال ويقومون بها وكانت حوالي 40 نشاطاً يفضل الطلاب 7 منها وهي مهمة في تنمية الطفل منها القراءة، زيارة المكتبات، الرسم، التلوين، اللعب بالحروف، اللعب بالأرقام، الأغاني، القصائد»
وقدمت الأستاذة الجوهرة العجاجي رئيسة جمعية الطفولة ورقة عمل عنوانها (برنامج موسيب في المملكة العربية السعودية) وقد قدمت في العجاجي من خلال ورقة العمل البرامج التي تقدمها الجمعية والتعريف بها، حيث أنشئت الجمعية عام 1432هـ وقد تم تأسيس الجمعية تحت رعاية الأميرة عادلة بنت عبدالله، وتبنت الجمعية برنامج تثقيف الأم والطفل وهو يعنى بدعم الأم في رعاية وتربية أطفالها من 3-9 سنوات إضافة إلى مساعدة الأم على إكساب طفلها المهارات الأساسية (عقلية، جسدية، عاطفية، اجتماعية).
وذكرت الدكتورة نادية طيبة جامعة الملك عبد العزيز ورقة عنوانها: (التدخل المبكر للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة) ذكرت من خلالها العديد من الدراسات أنه إذا بدأ الأطفال المراحل الدراسية الأولية بمستوى ضعيف في القراءة، قليلاً ما يحرزوا المستوى المطلوب لهم في السنوات اللاحقة وتتسع الفجوة بينهم وبين غيرهم من الأطفال العاديين. وتهدف الورقة إلى إظهار أهمية الكشف المبكر على الأطفال المعرضين للخطر لصعوبات القراءة مستقبلاً، بتركيز النظر على المهارات الأولية السابقة لمهارات القراءة والأدوات الأساسية التي يمكن من خلالها تشخيص تلك المهارات كعمليات سابقة لبرامج التدخل المبكر الأكثر فعالية في المجال.
فمهارات العمليات الصوتية وتشمل الوعي بالأصوات والذاكرة الصوتية والاسترجاع السريع، والمهارات اللغوية وتشمل المفردات اللغوية الاستقبالية والتعبيرية وفهم المسموع، من المهارات الأولية السابقة لعملية القراءة.
لهذا تم تطبيق برنامج تدخل مبكر مبني على نظرية «الاستجابة للتدخل» على عينة مكونة من 20 طفلاً من أطفال التمهيدي حيث حصل الأطفال في العينة التجريبية على 50 ساعة لمدة 14 أسبوعاً، في حين أن العينة الضابطة المكونة من مجموعتين (كل منهم 20 طفلاً) حصلا على نوعين من البرامج المختلفة.
وصمم البرنامج في الدراسة الحالية على أساس تعليمات مقدمة في مجموعات صغيرة قسمت على أساس قدراتهم وكل مجموعة حصلت على أنشطة معينة بناء على التقييم السابق، حيث تم تقييم جميع الأطفال في كل المجموعات كتقييم سابق في مهارات الوعي بالأصوات، والتعرف على الحرف والكلمة، والمفردات الاشتقاقية، والقدرات اللغوية الاستقبالية والتعبيرية، والطلاقة.
وقد تم تعيين الأطفال «كمجموعة ضعيفة عند مستوى الخطر» في المجموعة التجريبية على أساس حصولهم على معدلات في التقييم السابق أقل من المعدل بانحراف معياري واحد.
أثبتت النتائج باستخدام النموذج التجريبي الشبيه بعد تثبيت عامل المستوى الاجتماعي والاقتصادي ومدى التعرض للغة والقدرات العقلية أن الأطفال في المجموعة التجريبية حصلوا على نسب ذات دلالات إحصائية أعلى من غيرهم في المجموعتين الأخريين في جميع المهارات بشكل عام ماعدا المفردات الاستقبالية، وأن مستوى التأثير (effect) كان الأعلى في المجموعة الضعيفة «عند مستوى الخطر».
ولكن ظهر أن مستوى الطلاقة لدى الأطفال عند مستوى الخطر الأقل في التقدم من غيرها من المهارات.
وعليه تتقدم الدراسة بمقترح لتطبيق عملية مسح تقييمي شامل لمهارات السابقة للقراءة للأطفال في مرحلة التمهيدي للكشف المبكر عن الأطفال المعرضين للخطر وتطبيق برنامج التدخل المبني على الاستجابة للتدخل مع مراعاة تدعيم جميع المهارات وخصوصاً الطلاقة لدى الأطفال.
وتحت عنوان: (أهمية اللعب للجوانب النمائية للأطفال) قدمت الدكتورة الجوهرة الصقيه بجامعة الأميرة نورة كلية التربية ورقتها والتي تضم دراسات مفادها التعرف على نوعية لعب الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة والمتأخرة لكلا الجنسين ذكوراً وإناثاً، وعلى الفروق بين الجنسين في كلتا المرحلتين.
وقد استخدمت الدراسة عينة عشوائية من أطفال ما قبل المدرسة (الطفولة المبكرة) بلغ عددهم 75 من الذكور و66 من الإناث، وعينة من أطفال المرحلة الابتدائية (الطفولة المتوسطة والمتأخرة) بلغ عددهم 78 من الذكور و63 من الإناث، طبقت عليهم الباحثة أسلوب المقابلة حيث تم مقابلة الأطفال بشكل فردي وسؤالهم عن لعبهم المفضل، ولماذا؟
وقد بينت نتائج الدراسة أن أطفال المرحلة الابتدائية (الذكور) سجلوا أعلى نسبة فيما يتعلق بالألعاب الاليكترونية (play station (إذ بلغت النسبة 61.5% بينما 26% من أفراد العينة الذكور فضلوا لعب الكرة. أما أطفال ما قبل المدرسة (الذكور) فقد بلغ نسبة من يفضل اللعب بالألعاب الإليكترونية 19.7% مقابل 9.3% في لعب الكرة، أما لعب الأدوار (اللعب التمثيلي) فقد سجل أقل نسبة في كلتا المرحلتين، إذ بلغت النسبة عند أطفال ما قبل المدرسة 3.4% بينما 0% عند أطفال المرحلة الابتدائية. أما بالنسبة للإناث في مرحلة ما قبل المدرسة فقد احتل لعب الأدوار (اللعب التمثيلي) أعلى نسبة إذ بلغت 30.2% بينما بلغ اللعب الاليكتروني أقل نسبة إذ بلغت 3 %.
أما الإناث في المرحلة الابتدائية فقد احتل اللعب الحركي ذو القواعد ولعب الأدوار أعلى نسبة إذ بلغت 28.5%، بينما سجل اللعب الإليكتروني أقل نسبة إذ بلغت 3.1%.
وهذه النتائج تتفق مع العديد من الدراسات التي شددت على أهمية الألعاب الحركية والتمثيلية والبنائية للجوانب النمائية للأطفال، مثل دراسة، et al.,2010) (Isler (MacDougall,et a.l,2009) ،(Chudacoff, 2007) ،(Elkind,2007)» من جانب آخر أقيمت ثماني ورش عمل حضرها الأمهات والمعلمات والمشرفات التربويات للاستفادة ومن أهم ورش العمل المقامة ورشة عمل قدمتها الدكتورة مها المنيف استشارية طب الأطفال والمدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري والوطني عنوانها (المهارات المتقدمة في الكشف عن قضايا إيذاء الأطفال وآليات التعامل معها) وتهدف هذه الورشة إلى التعرف على مفاهيم إساءة معاملة الأطفال والتعرف على مستويات الإساءة كما قدمت الدكتورة أمل الفريخ أستاذ خدمة الفرد المساعد في كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الأميرة نورة ورشة عمل عنوانها (حوارنا مع أطفالنا) تناولت من خلالها التأسي بهدي الرسول في الحوار مع الأولاد وتنمية مهارات الحوار الإيجابي مع الأولاد، والتعرف على خصائص الأولاد الحوارية بالإضافة إلى التعامل مع العوامل الشخصية المؤثرة على الحوار».
من جانب آخر استعرضت الدكتورة بسمة فاعور في ورقتها السمات الرئيسة لأحجار الزاوية أو المرتكزات الأربعة التي تم تبنيها في المؤتمر الإقليمي لرعاية وتربية الطفولة المبكرة ومؤتمر موسكو 2010 كأساس لبناء إطار عمل وطني في الطفولة المبكرة. المرتكز الأول يركز على العمل لتأمين البيئة المحفزة والعناية الصحية والتغذية والدعم لأسر الأطفال من الولادة إلى ثلاث سنوات.
يتناول المرتكز الثاني إعطاء فرص للأطفال من عمر 3 إلى 6 سنوات لتنمية قدراتهم الذهنية والجسدية والاجتماعية وتطوير مهاراتهم اللغوية وخاصة لغتهم الأم وتفكيرهم النقدي والاستكشافي في بيئة محفزة آمنة تحترم حقوقهم، وتوفير الوصول إلى سنتين على الأقل من برامج الطفولة المبكرة.
يتمحور المرتكز الثالث حول السمات الرئيسة للمدارس الملائمة للأطفال 6-8 سنوات، حيث البيئة المدرسية تقدر الطفل وتحتفي به وتضم معلمين أكفاء.
والسياسات الإنمائية الشمولية في مجال الطفولة المبكرة تعزز تطور الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم وهذا ما يركز عليه المرتكز الرابع.
انطلاقاً من منظور هذه المرتكزات تم تحليل الواقع العربي حيث تبين مثلا ضرورة وجود برامج والدية، تقوية النظام الصحي ودعم مستشفيات صديقة للأطفال من منظور المرتكز الأول.
وفي المرتكز الثاني تبرز أهمية النهج المبني على اللعب والمتمركز حول الطفل وإعطاء قطاع التدريب المهني أولويّة والتوافق على معايير الجودة.
وبظهر تحليل الوضع العربي من منظور المرتكز الثالث دور ضعف النظام التربوي في بروز ظاهرة الرسوب والتسرب المدرسي والنقص في عدد المعلّمين المؤهلين.
ولدى استخدام المرتكز الرابع، يتبين أن غالبية السياسات في العالم العربي تفتقر إلى خطط عمل و برامج شمولية لرعاية وتربية الأطفال.
لذا من الضروري التوافق على رصد السياسات وتقييمها وإنشاء نظم مع مؤشرات وأهداف قابلة للتحقق.
ومن أجل بناء إطار عمل وطني من منظور المرتكزات الأربعة لابد من دراسة سبل الحصول على الدعم الرسمي والإعلامي والتمويل ثم وضع الأطر المناسبة لمتابعة ورصد وتقييم وتطوير عملية التطبيق وهي مسائل تختلف من دولة إلى أخرى.
فيما تحدثت مديرة برامج تنمية الطفولة المبكرة والحماية الأردن الأستاذة مها الحمصي عن أهمية «السنوات الثلاث الأولى من العمر- فرصٌ ذهبيه» موضحة أن تنمية الطفولة المبكرة هي «أساس التنمية البشرية»، وقد التزمت الدول من خلال «إعلان الأمم المتحدة»، بتوفير «الرعاية لكل طفل» ومنحه أفضل بداية ممكنة في الحياة وتتحقق التنمية الشاملة نتيجة الصحة الجيدة، التغذية، التحفيز المبكر، التفاعلات الاجتماعية والعاطفية الإيجابية مع الراشدين/ مقدمي الرعاية الآخرين، واللعب، بالإضافة إلى فرص التعلم والحماية من العنف.
لذلك، سيناقش هذا العرض الاستراتيجيات والبرامج التي تسهم في هذه التنمية الشاملة التي تضمن أن يولد الأطفال لأمهات يتمتعن بصحة جيدة، وأن ينمو في بيئة حاضنة آمنة، محميين من العنف وبفرص تعليمية جيدة.
إن أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في تنمية الطفولة المبكرة، أن تصمم البرامج بحيث تعالج التفاوتات في مؤشرات الطفولة المبكرة داخل الدولة ولا يتم الاكتفاء بالنظر إلى الإحصائيات والمتوسطات الوطنية لتحقيق الرفاه لكافة الأطفال، خاصة الأطفال الأكثر حرماناً.
إن الوصول للأطفال الأقل حظاً سيساعد الدول على سد الفجوة في تطور الطفل، وعلى تحقيق مستويات أعلى من العدل والإنصاف فيما بين جميع قطاعات المجتمع في مسعاها لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
وتؤكد جميع البحوث أن الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة أمر حيوي، وأن نتائجه ايجابية خاصة عندما تبدأ تدخلات عند الولادة، لأثرها الكبير على النمو العاطفي للأطفال وتطورهم المعرفي، وبالتالي الارتقاء بسوية المجتمع.
وعلى هامش المؤتمر التقت الجزيرة بإحدى المهتمات بهذا الشأن الطفولة ومستقبلها المشرفة التربوية بوزارة التربية الأستاذة تهاني الخالد لسؤالها حول ابرز معوقات نمو وتطور الطفل العربي؟ حيث قالت: الفقر وسوء التغذية تعتبران من أبرز المعوقات فالطفل الذي يأتي من بيئة فقيرة يكون تأثير ذلك عليه ظاهرا من الناحية الجسدية والنفسية والسلوكية ويطال حتى علاقاته علاقاته مع الآخرين فقد يتم رفضه من أقرانه لسوء مظهره، وكذلك سوء ألفاظه فيبتعد عنه أقرانه شيئاً فشيئاً.
وأضافت المعوق الآخر سوء التغذية فقد تكون هناك سوء تغذية وليس ذلك مرتبط بوجود الفاقة أو ما شابه ذلك وإنما يعود ذلك لجهل الأم بقواعد التغذية الصحيحة أو إهمالها وأشارت إلى أنهم كمهتمين بالشأن التربوي فإنهم يواجهون مشكلة بدأت تهدد استقرار كثير من الأسر ألا وهي اتجاه كثير من النساء إلى الاهتمام بشأن عملها وإعطائه جل وقتها وإلقاء مسؤولية البيت والأطفال على الخدم مما نتج عنه كثير من حالات العنف والمشاكل النفسية، ومشاكل اللغة لدى الأطفال نتيجة عدم تخصيص الوقت الكافي للجلوس مع الطفل أو نتيجة تعرض الطفل للعنف من قبل الخدم والسائقين مما يسبب له تأتأة في الكلام قد يصعب تحديد أسبابها وكذلك الخوف والخجل.
وفي كلمة للدكتورة هيفاء بنت سليمان القاضي رئيسة اللجنة التوجيهية لمؤتمر الطفولة المبكرة بجامعة الأميرة نورة وجهت الشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين على رعايته الكريمة للمؤتمر، ولكل من حضر، ودعم، وكل من شارك وساعد في إنجاز هذا المؤتمر، وتحويله من هدف إلى مخرج، ومنتج نعيش تفاصيله الآن، ونعالج واقعه في الثلاثة أيام القادمة. لقد ساهم في تحقيق ذلك مؤسسات وأفراد كثر نتقدم لهم بكل الشكر أذكر منهم وزارة التعليم العالي، ومعالي مديرة الجامعة الدكتورة هدى بنت محمد العميل وأعضاء اللجان المنظمة، وعلى رأسهم المشرف العلمي ورئيسة اللجنة العلمية سعادة الأستاذ الدكتورة سهام بنت عبدالرحمن الصويغ.
كما أتقدم بالشكر لرعاة المؤتمر وهم وزارة التعليم العالي، ومجموعة ابن لادن السعودية، وشركة دار الهندسة، والناقل الرسمي للمؤتمر الخطوط الجوية العربية السعودية، والرعاية الإعلامية التي قامت بها صحيفتي الجزيرة والرياض.
أيها الأخوة والأخوات
لا يخفى عليكم أهمية موضوع الطفولة المبكرة، وتكمن أهميتها بأنها مرحلة تؤسس لما بعدها من مراحل وحياة، فقد كشفت الدراسات العلمية بأن الإنسان ابن طفولته من الناحية النفسية والعاطفية والاجتماعية ومن الناحية العضوية، فالدراسات الطبية على سبيل المثال تتفق أو تكاد على أن مرحلة الطفولة هي مرحلة تشكل المخ عضويا، وأن أمام الطفل ثلاث سنوات لتدارك ما يمكن تداركه عندما يتعرض لتأخر في النمو لأي سبب كان.
هذه المرحلة تمثل مرحلة العجز بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فأمامنا مخلوق لا يشتكي، ولا يستطيع التعبير عما يعانيه ويحدده، وعليه أن يعيش في حدود وظروف عجزه. وحالة العجز هذه هي في الواقع عجز لوالديه ولمن يحيط به، ويضاعف هذا العجز أن هذه المرحلة هي مرحلة يتيمة في الرعاية والاهتمام المؤسساتية، فغالبية المجتمعات تعنى بالأطفال عند بلوغهم سن الرابعة أو الخامسة أو السادسة، وما قبلها فهي مسؤولية الوالدين كاملة، ولذا غابت المؤسسات الرسمية أو تكاد التي تعنى بمشاكل وقضايا هذه المرحلة، وتدعم الأهالي في ذلك، وأصبح الاهتمام بالطفولة المبكرة عملية غير مقننة، وغير مؤسساتية في كثير من دول العالم، وخاصة في الدول النامية، وأصبح تعاطي الوالدين معها عملية اجتهادية، يصيب فيها من يصيب، ويخطئ من يخطئ، ويدفع المجتمع ثمنا باهضا لأخطاء مقصودة وغير مقصودة.
إن الأمل في رعاية هذه المرحلة يعززه النجاح الذي حققته البشرية في تعاملها مع مرحلة رياض الأطفال والسنوات الأولى من التعليم الابتدائي التي حظيت بكثير من الدراسات التربوية والنفسية والتجارب العالمية التي تصب في جودة مناهج هذه المرحلة، وبرامجها وخدماتها.
أيها الأخوة والأخوات
هذا المؤتمر هو محاولة جديدة، ضمن سلسلة محاولات محلية كثيرة سبقت، للفت الانتباه لأهمية رعاية الطفولة المبكرة، وأهمية نشر الوعي بمهام ومسؤولية الأهالي، فهم بحاجة إلى العون والمساندة الطبية والتربوية والقانونية والتوعوية. لقد أثر في موضوع هذا المؤتمر تأثيراً كبيراً، شعرت من خلاله بعظم المسؤولية الملقاة على الأهالي، وعلى المؤسسات الرسمية في العناية بهذه الفئة الضعيفة، وخطورة الواقع الذي تعيشه هذه المرحلة، ولذا أتوجه لكل المشاركين في هذا المؤتمر بالشكر والتقدير والاحترام، ولا يخالجني أدنى شك، بأن ما ستطرحونه وما ستناقشونه سيؤسس لعمل جاد في هذا المجال. إن كل ورقة، وكل رأي، وكل معلومة، وكل تجربة تلقى في هذا المؤتمر، ستكون إضافة حقيقية مقدرة من الجميع، فالبيئة المحلية تتطلع بحق إلى مثل هذا العمل المخلص والجاد، وفي هذا السبيل نؤكد لكم بأننا في إدارة المؤتمر قد حرصنا على توثيق كل ما يقال، وذلك حرصا على تعميم الفائدة للجميع، ليس لبلادنا فقط، وإنما للعالم أجمع، فسنبث ما يقال على الإنترنت، وسوف ننشر فيها أيضا ما أتيح من الأوراق، لعلنا نساهم في تعميم الاهتمام والرعاية لهذه الفئة المهمة.
أخيرا أتمنى أن نكون قد وفقنا في تهيئة الظروف المناسبة لكم، وأشكركم على الحضور، والمشاركة راجية من الله أن يجعل هذا المؤتمر دافعا لنا لبذل المزيد، وأن يكون شاهدا لنا يوم نلقاه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.