اطلعتُ على ما كتبه الأخ ناصر الصرامي في جريدة الجزيرة، عدد 14647، حول حادثة صهريج الغاز، ولفت انتباهي قوله: «فيما قال آخرون علينا مراجعة تعليمنا، ومسارات التربية، والتعرُّف إلى بعض الحقيقة المغطاة بالقشور».
نعم، لا بد من إعادة النظر في واقع التعليم اليوم، وإحداث تغييرات جذرية تجعل بيئة التعليم بيئة جاذبة؛ لكي تتيح للمعنيين في الوزارة فرصة للاختيار. إن واقع التعليم اليوم ينبئ بمستقبل غير سار، والتعليم يختلف عن غيره من القطاعات؛ فعن طريقه تُغرس المبادئ والقيم والمعتقدات والتوجهات.. إلخ. فالمعلمون والمعلمات أصحاب رسالة سامية، وليسوا مجرد موظفين فقط؛ فتلك النظرة القاصرة هي ما أدت إلى تلك المخرجات السيئة للتعليم وهذا الصراع المستديم مع المعنيين في الوزارة.
لقد اجتهدت الوزارة في العناية بالمباني المدرسية وملحقاتها، وفي طباعة المقررات المدرسية وتطويرها.. أما ما يتعلق بأهم عناصر العملية التربوية والتعليمية فليس له نصيب من هذه الاجتهادات وهذا التطور، سوى شعارات تردد هنا وهناك، وذلك مطلع كل عام دراسي.. فبعض المعلمين ما زال يستجدي حقوقه المادية التي كفلها له النظام من لدن مقام وزارته.
ولكي ينهض التعليم ويحقق أهدافه السامية، ينبغي مراعاة الآتي:
* تكثيف الدورات التدريبية الهادفة، وعلى مستوى عال من التنفيذ، فمراكز التدريب التربوي لن تفي بهذا الغرض؛ فمن يحاضر فيها ويقيم الدورات التدريبية مؤهلاتهم وخبراتهم التربوية والتعليمة تماثل زملائهم في الميدان؛ فلا بد من الاستعانة بأساتذة الجامعات المتخصصين لإقامة مثل هذه الدورات التدريبية، ولله الحمد والمنة فالجامعات منتشرة في معظم مناطق ومحافظات بلادنا.
* تشجيع العاملين في الميدان التربوي للالتحاق بالدورات المتخصصة في مجالات تنمية الذات، ومهارات التدريس، واستخدام الوسائل التعليمية، وذلك مقابل إعفائهم من الحضور في الأيام التي تسبق ابتداء العام الدراسي، أو التي تعقب انتهاء أعمال الاختبارات النهائية.
* إتاحة الفرصة للمعلم الذي يثبت جدارته في التدريس، ويُعنى بتجديد معلوماته في مادته التدريسية، وفي مجاله التربوي، وفي انضباطه في الحضور والانصراف وعدم غيابه إلا بعذر مشروع للانتقال من مستوى إلى آخر، أي عدم توقف السلم التعليمي للمعلم المجتهد.
* تخفيض أنصبة المعلمين؛ فمن غير المعقول أن يتساوى من خدمته تجاوزت العشرين عاماً، وسِنُّه شارفت على الخمسين عاماً، مع المعلم المستجد.
* إعادة النظر في تعامل المدرسة مع سلوكيات الطلاب الخاطئة؛ فترك الحبل على الغارب للطالب أفقد المدرسة هيبتها وأهميتها لدى للطالب، والمتضرر الأول من هذا الواقع الطالب ذاته.
* التدقيق في اختيار المتقدمين للالتحاق بمهنة التدريس، وهذا الهدف لن يتحقق إلا بعد إيجاد حوافز مادية ومعنوية جاذبة، فمهنة التدريس من أشق المهن.
* استشارة العاملين في الميدان التربوي، فيما يصدر من قرارات تربوية وتعليمية كافة؛ فاقتصار تلك القرارات على الأكاديميين والمسؤولين في الوزارة خلل كبير يجب تلافيه.
محمد بن فيصل الفيصل - المجمعة