القصة التي تجعلني أجزم بأن لا حل للعنف الأسري في بلادنا، هي قصة تلك الطفلة (صارت الآن شابة) التي لم يحمها أحد من العنف الذي كان يمارسه عليها أبوها لسنوات متتالية، لمجرد أنه كان مختلفاً مع أمها، وكيف تحوّلت هذه الطفلة من مشروع حلم امرأة منتجة، إلى فتاة مدمنة على المخدرات.
كانت هذا الفتاة تأمل خيراً في أقاربها، ثم في إمام مسجد الحي الذي تسكنه، ثم في مخفر الشرطة، ثم في دار الحماية، ثم في المحكمة، ثم في الصحافة، لكن كل هؤلاء لم يستطيعوا دفع الاعتداء المتواصل عنها، بحجة أن المعتدي عليها هو أبوها! الشرع والنظام والمجتمع والسلطة الرابعة، يعجزون عن منع أب من الاعتداء على طفلته وممارسة انتقامه المريض من زوجته عليها! إذا كان كل هؤلاء لا يستطيعون حماية فرد عاجز من أفراد المجتمع، فمن يحميه؟! إذا كل هؤلاء لا يستطيعون أن يحموا طفلة، فمن سيحمون بعد ذلك؟ أشجار الآراك مثلاً؟!
ليس أمامنا اليوم، ومع تطور أدوات كشف السلبيات للعالم الخارجي، إلا أن نخلص في عملنا وأن نؤديه كما يجب، وإلا سنجد أنفسنا في شغل يومي لا ينقطع، للدفاع الواهي عن مؤسساتنا المقصّرة. والدفاع (في هذه الحالة) ليس أفضل طريقة للهجوم، بل أسوأ طريقة لوضع أقدامنا على طريق البلدان المتحضرة.