يبدو أن وزارة التعليم العالي تتعرض لضغوط لافتتاح جامعات جديدة في العديد من المحافظات، ولست ألوم أهالي ومسؤولي تلك المحافظات، لسببين الأول هو المفهوم الشائع بأن مؤسسات التعليم العالي مثلها مثل المدارس العادية يجب أن تتوفر بكل مدينة وحي رغم أن المفترض أن يسافر الطلاب لطلب التعليم العالي، على أن توفر لهم الجامعات السكن المناسب لذلك (للأسف إسكان الطلاب ليس من أولويات كثير من جامعاتنا). السبب الثاني هو تسمية الجامعات الجديدة بأسماء المدن فأصبح لدينا جامعات الدمام وشقراء والمجمعة والطائف مما جعله حلم المدن أن تحمل الجامعات أسماءها. جامعة الدمام رغم موقعها بوسط محافظات الخبر والظهران والقطيف لا يعتبرها البعض جامعة المنطقة الشرقية وإنما جامعة الدمام وكان الأولى تسميتها جامعة المنطقة الشرقية و تسمية جامعة الطائف بجامعة الحجاز وهكذا في بقية الجامعات لتوسيع مفهوم الرقعة الجغرافية التي تغطيها الجامعة.
هذا الأمر يعيدني إلى طرح فكرة أو نموذج اقترحته في مقالين كتبتهما في سبتمبر وأكتوبر 2006م ويتمثل في إيجاد تعليم عالٍ بمختلف المناطق دون الضرورة لافتتاح جامعات جديدة وإنما مقرات للجامعات القائمة بمواصفات تختلف عن فكرة الفروع التقليدية. أقترحت بتطبيق الفكرة بداية على جامعتي الملك سعود - الخرج والملك فيصل- الدمام وذلك وفق مواصفات أعيدها هنا بالنص.
1- إيجاد ميزانية ووظائف مستقلة لكل مقر حتى لا يتم الانحياز لصالح أحدهما على حساب الآخر.
2- إيجاد إدارة تنفيذية مستقلة وذات صلاحيات إدارية تنفيذية واسعة في إدارة المقر، بدلاً من العودة للمقر الآخر أو للإدارة المركزية للجامعة في كل شاردة وواردة.
3- إيجاد خطة إستراتيجية تطويرية واضحة للمقرين، فعلى سبيل المثال في حال تقارب المقرين جغرافياً فبالإمكان أن يكمل كل منهما الآخر من ناحية الكليات والتخصصات وبالتالي يتميز كل مقر بذاته.
وجود أكثر من مقر للجامعة الواحدة يستفاد منه في وجود إدارة عليا موحدة وفي تكامل الخدمة التعليمية بالمنطقة الواحدة عبر وجود مجلس إدارة أعلى موحد وفي تقليص الوظائف القيادية العليا وفي الاستفادة من الاسم والتاريخ الذي تم بناؤه بدلاً من البدء في اسم وتاريخ لجامعة جديدة وفي تبادل الخبرات الأكاديمية والبحثية بين المقرين.. إلخ.
وأضيف هنا باقتراح تطبيق هذا النموذج على حفر الباطن بحيث يصبح بها جامعة الدمام (المنطقة الشرقية) - مقر حفر الباطن ويعين لها نائب رئيس جامعة الدمام (برتبة معالي) وتكون مستقلة مادياً وتنفيذيا، لكن تستمد هويتها الأكاديمية من جامعة الدمام. هذا النموذج لم يعد يطبق فقط داخل الدولة الواحدة، بل أصبح يطبق عبر الدول، كما نراه في الجامعات الغربية الموجودة في دول الخليج وآسيا التي تستفيد من اسم وخبرات الجامعات الكبرى وفق مفهوم مستقل مادياً وتنفيذياً.
لقد جربنا نموذج إنشاء جامعات جديدة بطريقة تقليدية (الباحة، شقراء، وغيرها) وها نحن نرى معاناتها في بناء هويتها وسمعتها وخبراتها، فلم نصر على تكرار التجربة بتوليد جامعات غير ناضجة؟ لم لا نطبق نماذج جديدة كالذي اقترحه، وبالذات ونحن نعيش تطوراً مذهلاً في تقنيات التواصل التي سهلت عقد اللقاءات والمحاضرات والتواصل عبر الفضاء الإلكتروني.
أخيراً أذكر بأنني حينما طرحت الفكرة عام 2006م حينها لم ترق لبعض أهالي المحافظات من مبدأ العاطفة لمحافظاتهم. أرجو أن لا يتكرر الاحتجاج المبني على عواطفنا لمناطقنا ومدننا وقرانا.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm