الجزيرة - ليلى مجرشي - فاطمة الرومي:
بدأت فعاليات المؤتمر الدولي للطفولة المبكرة أمس الثلاثاء بثلاث جلسات تضمنت عشر أوراق عمل تناقش موضوع الطفولة المبكرة في جوانب مختلفة ومتنوعة.
وأوضحت عميدة الضمان والجودة الأكاديمي ورئيسة اللجنة التوجيهية للمؤتمر الدكتورة هيفاء القاضي للجزيرة أن المؤتمر غاية الأهمية للطفولة المبكرة التي هي مصدر النجاح أو الفشل لكل ما يليها من مراحل.
وحول الموضوعات التي سيطرحها المؤتمر للمناقشة ذكرت القاضي أن موضوع المؤتمر هو موضوع دقيق جداً لأن جوانبه متشعبة تجمع بين مستجدات نتائج أبحاث الدماغ في هذه المرحلة حيث يكتمل نمو المخ خلال الثلاث سنوات الأولى، وما يرتبط بذلك من رعاية ومتابعة وخدمات تساندها مصادر شتى متراكمة تأتي من البحث العلمي والتجارب والتقدم التقني في عملية التشخيص العضوي علاوة على حالة الأم والرعاية المنزلية والتربوية والاجتماعية والتثقيف الذي يتم عبر وسائل الاتصال المختلفة».
وأضافت أن المملكة اجتازت مراحل متقدمة عبر الاعتراف بحقوق طفل المرحلة المبكرة ونحن الآن في مرحلة العمل على تلبية هذه الحقوق والاستجابة لها.
وبينت أن أهداف المؤتمر متكاملة تبسط الطريق للوصول إلى تصور كامل حيال طبيعة وتحديات هذه المرحلة العمرية، وقد حرصنا على نقل تجارب الآخرين في التصدي لتحدياتها.
نريد أن ندعم التجربة المحلية بما هو ناجح في مجتمعات أخرى، ولذلك تمحورت الأهداف حول دعم تنفيذ القرار السامي حول التوسع في خدمات الطفولة المبكرة في جميع مناطق بلادنا -حفظها الله- وذلك عبر الأهداف التالية: بسط الجوانب الحقوقية المرتبطة بتطبيقات وتوفير خدمات الطفولة المبكرة والتحاور في ذلك من منظور وطني وشخصي، وكذلك رصد المعوقات التي قد تواجه تطوير خدمات الطفولة المبكرة على المستوى المحلي، والاستفادة من الخبرات العالمية في التعرف على أفضل الممارسات الناجحة في مجال الطفولة المبكرة».
وأضافت: «ومن أهدافه أيضا التعرف على مستجدات النتائج البحثية والنظريات العلمية في هذا المجال وخاصة تلك المتعلقة بالنهج الشمولي وتوظيفها في بناء إستراتيجيات وبرامج لتطوير آليات وسبل التعامل مع تحديات الطفولة المبكرة، والتعرف على برامج الطفولة المبكرة في المملكة وخاصة في المجال الصحي والتربوي والاجتماعي والإعلامي، وكذلك التعرف على برامج الطفولة المبكرة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال المناطق النائية والأطفال المحرومين والمعرضين للأخطار ومناقشة سبل الدعم وإستراتيجيات تنفيذ ذلك.
كما أشارت إلى أن المؤتمر يهدف إلى تدارس العوائق والتحديات وبناء عليه سيتم تحديد الأولويات وفرص التطوير اللازمة لبرامج رعاية أطفال هذه المرحلة.
وضمن مشاركات وزارة التربية والتعليم في أعمال المؤتمر الدولي للطفولة المبكرة (طفولة آمنة.. مستقبل واعد) ألقى الدكتور بندر السويلم الأمين العام للجنة الوطنية للطفولة ورقة عمل بعنوان (الإستراتيجية الوطنية الخاصة للطفولة بالمملكة العربية السعودية) ضمن جلسات العمل.
أشار فيها إلى ضرورة إيجاد الإستراتيجية الشاملة لكافة احتياجات الطفل وترتكز رؤيتها على توفير بيئة آمنة تضمن النمو السليم والتنشئة الصالحة والوقاية الفعالة والحماية الشاملة من خلال تطوير مجموعة منسجمة من التشريعات والسياسيات والبرامج للسنوات العشر القادمة، والتي تعنى بالنواحي الجسمية والمعرفية والاجتماعية والانفعالية للطفل السعودي.
ونوه إلى أن الإستراتيجية تتضمن خمسة محاور رئيسية تشمل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والأمن البيئي والثقافة والإعلام، وما يندرج تحت هذه المحاور من قضايا فرعية.
وشاركت الدكتورة منيرة القاسم في قسم التربية الإسلامية في كلية التربية بجامعة الأميرة نورة بورقة حول حقوق الطفل في الإسلام مستندة بذلك على تطبيق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه وليس كما ذكرت بتطبيق الحقوق التي أقرتها المنظمات والاتفاقيات الدولية ومشيرة إلى وجود حقوق أكبر وأعمق موجودة منذ الأزل وتحدث عنها الإسلام بكل جوانبها.
وذكرت القاسم خلال مناقشتها لورقة العمل بأن العنف يعد حالة فردية مجتمعية لم تطبق حقوق الله، وخالفت الدكتورة ما ذكره البروفيسور ويليام ستيفن أن مرحلة الطفولة تنتهي في سن 18 بل أن الطفولة كما بينتها تعاليم الإسلام تنتهي عند مرحلة البلوغ وظهور علامات البلوغ على البنت والولد وليس بسن 18 لأن هذا السن عادة قد تجاوز مرحلة البلوغ، كما ذكرت الدكتورة أن الإسلام يناقض تماماً ما جاء في المنظمة الدولية بجواز الإجهاض».
وختمت الدكتورة بتوضيحها لحقوق الطفل في الإسلام والتي أقرها منذ الأزل في الوقت الذي يقر فيه العالم بحق الطفل في اتفاقية الأمم المتحدة عام 1995م.
وقد انتهت الجلسة الأولى بمداخلات حول إهمال الناحية التشريعية القانونية في الاتفاقات الدولية وتوثيق حقوق الطفل في الإسلام قانونيا، حيث أجاب الدكتور إبراهيم الشدي بأن جميع الاتفاقيات الدولية تصبح جزءا من القانون الداخلي بعد اطلاع الدولة عليه والمملكة صادقت على الاتفاقية لكنها تحفظت في كل ما يخالف الشريعة الإسلامية في الاتفاقية وهي ليست ملزمة بالتطبيق.
ومضى في القول إن هناك العديد من النقاط في الاتفاقية تتفق مع الشريعة الإسلامية، كما أن هناك علماء مسلمين شاركوا في الاتفاقية حاولوا أن يضعوا ما لا يتفق مع الدين في صورة توافق التعاليم.
وحول إلزامية التعليم في مرحلة رياض الأطفال وإصدار قرار إلزامي بذلك أجاب الدكتور بندر السويلم: «لا يوجد أي دولة تلزم رياض الأطفال، بل نستطيع أن نقول مجانية التعليم في هذه المرحلة وليس الزامية والمملكة تتوجه لتوسيع ذلك».
وحول المقارنة التي جرت بما جاء في الاتفاقية الدولية للطفولة وما جاء في الإسلام من حقوق رأى السويلم أن هذه المقارنة لا تناسب ما جاء في شمولية الدين لذا يرفض هذه المقارنة».
وقد استهلت الجلسة الثانية للمؤتمر بما قدمه جيم ستايبن مدير مركز النمو العصبي والإكلينكي والاجتماعي بجامعة يورك كندا حول موضوع المستجدات في أبحاث الدماغ وركز الدكتور من خلال ورقة العمل على تطوير نظم ودوائر الدماغ التي تقوم عليها التنمية العاطفي في وقت مبكر من الأطفال. في حين كان من المعروف منذ سنوات عدة أن التعليم المبكر للطفل نوعية والرعاية الصحية يمكن أن تسهل النمو العاطفي والمعرفي، وحددت النتائج من دراسات علم الأعصاب مؤخرا الأنظمة العصبية العاطفية subserving التنظيم الذاتي وبدأت لرسم تنميتها في سياق في وقت مبكر من النماذج رعاية الأطفال والتعليم.
وعن ورقة قدمتها الدكتورة سمر مقلد أستاذة ومستشارة التربية الخاصة بجامعة الأميرة نورة بعنوان «انظر، التفت، ثم اقفز» بدأت الدكتورة بدراسة مفادها أن التربويين يؤكدون أن المناهج الأكاديمية وطرق التدريس والوسائل المساندة المبنية على طبيعة عمل الدماغ تمكن من التعلم المتطور الفعال والقدرة على التذكر الطويل المدى واستثمار التعلم في مهارات التفكير المتطور عالي المستوى وحل المشكلات، ويضيف بعض خبراء التربية أن علم الأعصاب يدعم عدد كبير من طرق التدريس «الحديثة» ويحث على تبني هذه الطرق وتطبيقها في التعليم النظامي بصورة عامة وفي تعليم ذوي الاحتياجات الإضافية بصورة خاصة. لكن ما تراه مقلدا أن التطور الملحوظ في علم الأعصاب والسيل المنهمر من الأبحاث المتعلقة بالدماغ خلال العقدين الماضيين أدى إلى فهم معمق وتوضيح لكيفية عمل الدماغ أثناء عملية التعلم وإلى الاستفادة من طاقات الدماغ واستثمار «الفرص الضائعة».
وحول بناء الأسس لحياة صحية «قدمت نانسي عازار أخصائية المشاريع منتور العربية للوقاية من المخدرات ورقة عمل بينت فيها «لبنات بناء لمستقبل صحي هو برنامج الوقاية الأولية للسنة من العمر 3 حتى 6 التي وضعتها إساءة استخدام المواد الكيميائية والصحة العقلية في إدارة الخدمات (SAMHSA) لمركز للوقاية من تعاطي المخدرات (CSAP).
وتتناول الورقة التي قدمتها غادة الدخيل مسؤولة المشاريع التربوية برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية رؤية الأجفند التنموية التي تعكس نتاج تجربته الثرية في مجال تنمية وتطوير الطفولة المبكرة والتي تنطلق من المفهوم الشامل للتنمية الهادف إلى خلق بيئة تمكينية حاضنة للطفل من خلال تهيئة مجموعة الظروف والمؤثرات الخارجية والداخلية المناسبة لتوسيع خياراته من بدء تكوينه كجنين لحين وصوله لمرحلة النضج، لضمان نموه وتطوره ليتمكن من الحصول على كافة حقوقه وليكون قادراً على استثمار كافة القدرات التي حباه الله بها بأقصى حد ممكن.
وتؤكد الورقة أن هناك تحديات وعقبات كبيرة ولكنها تشيع جواً من التفاؤل بالقول أنه في نفس الوقت هناك فرص واعدة لتحقيق هذه الرؤية، وتخلص غادة الدخيل إلى أهمية تكاتف الجهود وعقد العزم الصادق وحشد الموارد اللازمة لتوفير بيئة ايجابية وآمنة تمكن من تحييد العقبات واستثمار الفرص.