ستعمل إيران المستحيل؛ من أجل الحيلولة دون إسقاط النظام السوري برمته، وتضييق الخناق على المعارضة السورية المسلحة، ووقف أي دعم له.. فالدعم الإيراني للنظام السوري، لم يعد خافياً على أي متابع - منذ اللحظة الأولى -، التي انطلقت فيها شرارة الثورة السورية، انطلاقاً من الحلف الإستراتيجي الذي يربط بين الدولتين، وهو ما تُؤكده السياسة الإيرانية، بأن سقوط النظام السوري، سوف يُكلف النظام الإيراني الكثير من المصاعب، والأزمات.. ولذلك، تدعو السياسة الإيرانية نظام الأسد إلى خوض ما وصفته بـ «أم المعارك»، في مدينتي - حلب ودمشق -، وضرورة إبقاء سلطة النظام السوري الاستبدادية، مهما كلف الأمر.
تُشير جميع الحقائق إلى تقديم النظام الإيراني مساعدات عسكرية، ومالية هائلة لنظام الأسد، ولولا هذه المساعدات، لسقط نظام سوريا.. وخلافاً للحقائق القائمة على أرض الواقع في سوريا، فإن قادة إيران يزعمون انتصار النظام السوري في كل الجبهات، وقُرب اندحار أعداء نظام الأسد.. الأمر الذي يجعل من النظام الإيراني، التحرك على عدة مسارات؛ لبذل كل ما تستطيع في حماية النظام السوري، ومن ذلك على سبيل المثال: فقد أظهرت تقارير استخباراتية غربية - مؤخراً -، أن إيران تستخدم طائرات مدنية؛ لنقل جنود، وكميات كبيرة من السلاح عبر المجال الجوي العراقي إلى سوريا؛ لمساعدة الأسد.. وكان محمد علي جعفري - قائد الحرس الثوري الإيراني -، قد أعلن في تصريح أخير له: «أن بعضاً من قوات الحرس الثوري، موجودة بالفعل على الأراضي السورية»، وأكد أنه: «ربما تنخرط عسكرياً في الصراع الدائر في سوريا، في حال تعرض الأخيرة لهجوم»، بل يُؤكد كثيرٌ من المراقبين، أن الحكومة العراقية - الحالية -، التي يرأسها - الرافضي - نوري المالكي، مستعدة - تماماً -؛ لفتح كل حدودها البرية، والبحرية، والجوية؛ دعماً للنظام السوري، وبأوامر من الحكومة الإيرانية، ولخدمة المشروع الفارسي في المنطقة.
بقاء الوضع على ما هو عليه، سيُؤدي إلى انهيار نظام الأسد، وهي القراءة السياسية للمتغيرات في المنطقة، الأمر الذي سيجعل إيران، تتوجس مستقبلاً من أمرين مهمين - حسب التقارير الإستراتيجية -، الأول: يتمثَّل بقلق القيادة الإيرانية من الدور المقبل لمصر، في ظل وجود قناعة لدى طهران، بأن النظام المصري - الجديد - برئاسة محمد مرسي، ماضٍ في تأسيس تحالف عسكري، وأمني مع دول الخليج العربي، بحلول منتصف العام 2014 م، ومن وجهة النظر الإيرانية، فإن انضمام مصر سيضيف إلى القوة العسكرية الخليجية القوة البشرية، التي كانت إيران تتفوق بها على دول مجلس التعاون.. والأمر الثاني: يتعلق بالخطر الإستراتيجي الذي سيُشكِّله قيام محور سنّي واسع، يضم تركيا، ومصر، ودول مجلس التعاون، والأردن، والنظام الجديد في سورية في حال سقط نظام الأسد.
وتعتقد القيادة الإيرانية: أن وجود هذا المحور، سيقضي على نفوذها السياسي في المنطقة - في غضون سنوات قليلة -، وسيحوِّلها إلى دولة إقليمية ضعيفة، وهامشية.
الواضح، أن خيار إسقاط النظام السوري، وخروجه من دائرة النفوذ الإيراني أضحى قريباً - بإذن الله -.. - ولذا - فإن اعتماد الحل السلمي الداخلي، واحترام إرادة الشعب السوري في تحقيق أهدافه، أصبح حقاً مشروعاً طال انتظاره، بعد أن تحوّلت قضيته إلى مساومات سياسية في مجلس الأمن، بينما كان يجب أن يُنظر إلى الوضع، بأنه كارثة إنسانية، يُحتّم على المجتمع الدولي أن يتخذ مسؤوليته أمام التاريخ، والضمير الإنساني.
drsasq@gmail.com