يحدثأن يكون الاختصار سيد الحكمة.. وامتحاناً صعباً لإيصال الفكرة دون الانزلاق بعيداً عن الهدف.. أو الدخول قسراً في جدال عقيم.. أما الإسهاب فليس لائقاً بالجميع.. فبعض المتحدثين بحرٌ.. كلما قارب على بلوغ منتهاه تجد أن الرحلة معه ممتعة وعميقة.. ولعل تويتر كان التحدي الأكبر الذي صادف الرموز الثقافية والدينية والتربوية والسياسية والإعلامية... الخ وكل من اعتاد أن يحشر الكلمات في كتبه ومقالاته وخطبه.. إنها قفزة سقط الكثير منها وتهشم أمام معجبيه.. وبدأت عيون الشك تلاحقهم، والسؤال غير البريء يبحث عن إجابة.. تُرى من كان يكتب عنهم سابقاً قبل تواجدهم في مقام الفكرة بمواجهة الفكرة؟

أم أن عبقرية الاختصار عرت العقول المعتادة على الحشو والتلقين.. وغاب عنها أن المتلقي أصبح أكثر وعياً وانفتاحاً وأكثر انشغالاً.. وأن الكتابات المطولة حالياً تحتاج قلماً ذا نفس طويل ولديه جديد يقدمه ويستطيع ألا يفقد اهتمام القارئ الذي بات يعرف كيف يدرك الحصيلة من أول السطور والصفحات.. لذا فإن نجوماً سمع لدوي ارتطامها ضحكات مجلجلة.. خصوصاً مع روح الدعابة وخفة الظل التي تتمتع بها سرعة البديهة لدى المغردين والمغردات.. ومع “الهشتقة” ستعرف معنى أن تكون مزيفاً.. وكيف أن التواصل مع الجمهور فضيحة محتملة.

وبمناسبة الحديث عن تويتر فقد كشف تلاطم الحراك الثقافي السعودي والعربي عموماً.. ومع وجود المشككين في مسيرته.. بدعوى أننا متأخرون.. والفريق الآخر المصدوم من جسارة البعض.. لم يروا أنها بداية منطقية مع أي انفتاح.. كالرياح تماماً.. لن يكون الحل المستحيل هو في “الباب اللي يجيك منه الريح.. سده واستريح”، بل الأمر أكبر من ذلك.. لأن الأبواب خُلعت من تلقاء نفسها.. وهذه الفوضى والضجيج نتيجة طبيعية.. لولادة الحراك الأجمل.

تويتر ليس موضة ستنتهي.. إنما سيكون لها امتداد يحطم في طريقه حصوناً شيدت على قاعدة الحماية والوصاية.. وصولاً لتمزيق سقف الحرية وليس مجرد رفعه.. والأيام كفيلة وستخبرنا أكثر.