أن نكون أو لا نكون! سؤال هام لابد من وضعه نصب أعيننا في كافة أمور حياتنا لأجل حياة أنبل وأجمل وأكثر صعوداً إلى أطراف الكمال..
في كافة المشكلات وأمام العقبات لابد من حل ولابد من نهاية حاسمة..
يبدو الطريق صعباً وشائكاً محفوفاً بالعقبات، لكن هذا لا يمنع من أن نبدأ الآن والآن فقط..
لعل الطب النفسي يعتبر مجالاً حديثاً نسبياً نسبة إلى علم الطب ذاته بشكل عام حيث كان السابقون لنا غالباً يلجأون في حالة إصابة أحد أفراد العائلة بأمر صحي نفسي عارض إلى أحد (المطاوعة) لقراءة القرآن على المصاب ولم يكن تشخيص الحالات النفسية لديهم غالباً يخرج عن المسّ والسحر والعين..
ولعلنا جميعاً نعلم أن الصحة النفسية تعتبر جانباً هاماً يشكل ركناً أساسياً في صحة المريض، إلا أن أوضاعه لدينا لا تزال بحاجة إلى نظر بأسرع وقت ممكن..
يلجأ الكثير من الأطباء النفسيين إلى علاج مرضاهم عبر الأدوية فقط فهي أقصر الطرق وأسهلها وأقلها تكلفة وجهداً بالنسبة لهم على وجه الخصوص في المستشفيات العامة أو الحكومية إلا أن هذا المريض يبقى بحاجة إلى متابعة من خلال جلسات تأهيلية مستمرة لضمان عودته إلى الحياة الطبيعية وللتخلص تدريجياً من الأدوية والعقاقير التي هي بحد ذاتها مرهقة لجسد المريض، تزيده ضعفاً ووهناً، حيث إن أغلبها تجعله في حالة خمول وكسل ورغبة في النوم، هذا عدا المضاعفات الجانبية الظاهرة أو تلك التي لا تظهر سوى بعد فترة من الزمن، فهل يعقل أن يستمر هذا المريض إلى الأبد على هذا الوضع؟!
.. بالطبع هذا أمر غير معقول!
وفي هذا السياق هناك عقبة أخرى فعلى حد علمي أن الكثير من العيادات النفسية الخاصة لا تقل تكلفة العلاج فيها عن أربعمائة ريال، كان هذا المبلغ هو السائد منذ سنوات فما بالنا الآن بعد الغلاء العام الذي شمل الكثير من السلع والخدمات، عدا أن هناك عيادات أخرى تكلفة الجلسة النفسية فيها تصل إلى ألف ريال وأكثر! وكأنما يفترض المعالجون النفسيون من خلال تكاليفهم الباهظة هذه أن المرضى هم من فئة الأغنياء فقط، لكن هذا ليس صحيحاً إطلاقاً، فالاضطرابات النفسية ليست مقصورة على فئة معينة أغنياء أو فقراء وإنما قد يصاب بها أي فرد مهما كان مستواه الاجتماعي، حين نتأمل هذه المتطلبات الباهظة للصحة النفسية، لابد أن نتساءل بكثير من الأسى والتعاطف مع تلك الفئة ممن لا يملكون ما يغطي التكاليف الأساسية لحياتهم كيف لهم بمواجهة مثل هذه التكاليف؟! وهل يعقل أن يستمر حالهم كما هو فنفقد بذلك الكثير من أفراد المجتمع خاصة من أولئك الأصحاء جسدياً، في كونهم لا زالوا رهناً لمتاعبهم النفسية، غير قادرين على خدمة أنفسهم أو المساهمة في بناء وطنهم.