لا أحب الكتابة في الرياضة، وتحديداً في مجال كرة القدم، لأنني قلت ذلك مراراً، هي أشبه بمن يدخل يده في عش الدبابير غير متسلح إلا بالنية الحسنة الصادقة، لكنني حينما أتذكّر أنني من جيل القفزة الكروية، من الهزائم المتكررة من خصمنا اللدود، المنتخب الكويتي بالثلاثة والأربعة، زمن جاسم يعقوب وفتحي كميل وحمد بو حمد وفيصل الدخيل، إلى بطل آسيا نحو ربع قرن من الزمان، الذي يلتهم الكويت والعراق واليابان والصين وكوريا، زمن الجيل الذهبي لكرة القدم السعودية، أقول حينما أتذكَّر كل ذلك، وأرى تقهقرنا بشكل مرعب، أشعر أنه يجب عليَّ أن أكون متطفلاً ولو لمقال واحد، من نزهاتي الكثيرة، فلأذهب بكم حول ما يراه كاتب غير رياضي، يزعم أنه كاتب محايد، ليس محسوباً على أحد.
وقد يسأل بعضكم، ما مناسبة أن تكتب عن الكرة، رغم أننا فاشلون منذ عشر سنوات تقريباً، فأقول لكم أنني أكتب ذلك، بمناسبة استضافة المنتخب الأرجنتيني غداً في درة الملاعب، هل قلت درة الملاعب؟ هذه أولى الكبوات، فأي درة خدعونا فيها ربع قرن، وظننا أنه لا يوجد في العالم ملعب ينافس درتنا المصونة، فأنشئت ملاعب العرب والجيران الآسيويين، ونحن نتغنى بملعبنا الدرّة، وبمنتخب الصقور، ها قد حجبوا أنظارنا ووعينا عشرات السنوات، حتى ظننا أن لا أحد سوف ينتزع منا كأس العالم عام 2010م، تخيلوا قوة الحلم، بينما واقعنا يبشرنا بالخروج المبكر من دوري المجموعات، وأصبحنا نتعثر أمام منتخبات إندونيسيا وأوزبكستان آسيوياً، وتحرجنا منتخبات لبنان والأردن عربياً، ويرعبنا البحرين وقطر خليجياً، فأين ذهب عملاق آسيا؟
الإجابة ببساطة ذهب في دهاليز الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لنتوقف عن لوم الأندية الرياضية، فهي مرآة للعمل الإداري في الرئاسة، ولنتوقف عن لوم المدربين، فهؤلاء تألقوا مع غيرنا، وحينما وصلوا اكتشفوا الفوضى التي نعيش فيها، فأصبح مدربنا الهولندي القدير ريكارد يدير المنتخب عبر الأقمار الصناعية، لأنه معظم وقته في إجازات مفتوحة، فلم يعد لدينا مدرب يشعر بالمسؤولية، ليفاجئنا بأن يلتقط لاعباً في الظل، وفي فريق في الدرجة الثانية، كما جاء ذات يوم، المهاجم شايع النفيسة من فريق الكوكب بالخرج إلى المنتخب، ليحتفل معه في حمل كأس آسيا.
اليوم يفعل الإعلام الرياضي العجائب، فلم يعد إعلام ميول كما كان زمناً طويلاً، حينما كان يهذّبه، كلما مالت بوصلته أمام المنتخب، أمير الشباب آنذاك فيصل بن فهد، يرحمه الله، بل ابتلع هذا الإعلام البوصلة كلها، وعبث كما يشاء، فصنع من لاعب مبتدئ أسطورة الزمان، بينما كانت الأساطير في الزمن الذهبي تسير على الأرض، وتعيش بيننا.
حينما يتألق لاعب ناشئ في مباراة واحدة، يضج له الإعلام مهللاً، ثم يصبح لاعباً دولياً في اليوم التالي، وفي اليوم الثالث يقف على قدم المساواة مع ليونيل ميسي، الأسطورة الأرجنتينية المذهلة، فماذا تتوقعون نتيجة ذلك؟. في حين تخاذل ماجد عبدالله ذات لقاء في بطولة الخليج، وتمت مساءلته بشدة بعد المباراة مباشرة، فأنجز خمسة أهدافه الشهيرة في المباراة التالية ضد قطر.
فالفريق دائماً بحاجة إلى مدير، يقوده بصلابة وشدة إلى المستقبل، كما يحتاج إلى مهندسي صناعة كرة، ورسم طريقها بدأبٍ لمستقبل أفضل، أما الكبسولات المهدئة، كأن نقابل الأرجنتين لعل أن يتقدم ترتيبنا قليلاً على مستوى المنتخبات، فهو أمر لا قيمة له، وأن يلتقط لاعبو منتخبنا الصور مع ميسي ودي ماريا وأجويرو وغيرهم، ويعلقونها في منازلهم، فلن تعيد الصور التذكارية مجدنا الآسيوي بعد أن سبقنا، وتفوق علينا الآخرون!.