اليوم وغداً وقبلهما أمس، شهدت العاصمتان السعودية والمصرية اجتماعات مهمة لوزراء الخارجية العرب كالذي احتضنته القاهرة، حينما التأمت اللجنة الوزارية العربية المُكلفة بمتابعة الأزمة السورية، وتبعَ ذلك وزراء الخارجية العرب الذين ناقشوا تقرير المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي، لمعرفة ما ينوي فعله تجاه مهمته لمعالجة الأزمة السورية، بعد أن قضى وقتاً لا بأس به، والتقى في الأيام الماضية تقريباً جميع أطراف النزاع والقوى الإقليمية والدولية المتداخلة بالأزمة.
وغداً يلتقي وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وزير خارجية روسيا الذي سيكون لوجوده في العاصمة السعودية أهمية ينتظر المراقبون نتائجها والمباحثات التي سيجريها مع القيادة السعودية خصوصاً فيما يتعلق بالشأن السوري والدور الإقليمي الذي تقوم به إيران والذي يحظى بالدعم والمساندة الروسية.
إذن اجتماعات مهمة وتحرُّكات تكتسب أهمية بعد معرفة نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي تفرض على القوى الدولية والإقليمية أن تحدد مواقفها، إذ انتهت مرحلة الترقُّب وبدأت القوى المتداخلة في الأزمة السورية تكشف عن مواقفها، فيما بدأ بعضٌ منها تفعيل خططه الموضوعة سلفاً، كالذي أعلنت عنه بريطانيا عبر رئيس الأركان الذي كشفَ عن وجود خطط عسكرية جاهزة للتدخل عسكرياً، وبشكل محدود عند الحدود السورية التركية، فيما لو تطورت الأوضاع سلبياً في سورية، يُعزز هذه المواقف الإجراء الذي اتخذته المعارضة السورية التي خطت خطوة متقدمة، وإن اعتبرها المراقبون بأنها (متواضعة)، إلا أن توحيد المعارضة السورية سيُرضي القوى الدولية التي تُطالب منذ وقت طويل بتوحيد المعارضة السورية، والإسراع في تكوين كيان حكومي، أو إدارة تُدير الوضع السوري في مرحلة الانتقال من مرحلة حكم آل الأسد إلى حكم الشعب.
أما اجتماع وزير خارجية روسيا بنظرائه بدول مجلس التعاون في الرياض، فيكتسب أهمية خصوصاً أن هذا الاجتماع يُعقد، ولدول الخليج العربية ملاحظات وأسئلة تنتظر إجابة من السيد سيرجي لافروف، إذ تُلاحظ دول الخليج العربية أن العلاقات الروسية بدول الخليج العربية قد أصابها البرود، وأن هناك توجُّهاً روسياً لتصعيد العلاقات مع إيران، يصل في بعض المواقف إلى درجة التحالف خصوصاً فيما يخص معالجة الأزمة السورية، وبما أن دول الخليج العربية تُعلِّق أهمية كبرى على العلاقة مع روسيا كدولة مهمة، وإحدى الدول الصديقة لمجلس التعاون، وقريبة في حدودها، وذات عمق تاريخي في علاقاتها مع العرب، فإنها تسعى إلى تمتين هذه العلاقات نحو الأفضل من خلال الحرص على مصالح كلا الطرفين خصوصاً أن دول الخليج العربية التي تُواجه تهديداً لا يُمكن إخفاؤه من قِبل إيران، لا تريد روسيا أن تكون داعِمةً لطرف يُهدد أمنها، رغم أن مصالح روسيا في الخليج العربي يُمكن أن تحقق فوائد جمة للاقتصاد الروسي، لو أحسنَ التعاملَ مع هذا المفصل الحيوي، وفُعِّلت اتفاقيات التعاون، ووضحت الرؤية في القضايا السياسية والإستراتيجية، ومثلما يبحث الوزراء الخليجيون عن أجوبة واضحة من السيد لافروف، فإنه في المقابل يسعى لمعرفة المواقف الحقيقية لدول الخليج العربية، خصوصاً في تفعيل الشراكة الاقتصادية وتعزيز مصالح الطرفين، التي حتماً ستُقرِّب كثيراً من المواقف السياسية التي تشهد اختلافاً في كثير من المواضيع، ومن أهمها الأزمة السورية.
jaser@al-jazirah.com.sa