في الكلمة التي ألقاها الرئيس الأمريكي أوباما بعد فوزه بالانتخابات في الولاية الثانية، ومن جملته الأولى أدرك العالم لماذا فاز أوباما, ولماذا كسب أغلبية الأصوات؟. قال: أوقفنا وأعدنا الجيوش وعملنا لاقتصاد أمريكا الداخلي.
أوباما عمل خلال الأربع سنوات الماضية على إعادة أمريكا إلى مربعها الحقيقي, وإلى وجهها الحضاري, أمريكا التي قادت العالم علمياً وتقنياً, وأصبحت أنموذجاً للحياة الحضارية.. عمل من أجل محو صورة أمريكا العسكر والحرب والدمار، إلى صورة قيادة العالم حضارياً, محو تلك الصورة التي قادها بوش الأب أوائل التسعينيات، وبوش الابن في الألفية الثالثة، ووزير الدفاع السابق رامسفلد، عندما تحركت الجيوش عام 2001م لقتل الأفغان في قراهم وجبالهم بخطيئة القاعدة, فسلِمت القاعدة من الدمار، بل إنها انتشرت في العالم, وتدمرت أفغانستان, ثم قادوا الحرب على العراق 2003م وخلقوا الفوضى في العراق وشعبه وأشعلوه بالحرائق والذخائر والخراب، فسلِم العراق بعد ذلك وتدمر اقتصاد أمريكا ووصلت مؤسساته وشركاته إلى الإفلاس وانهارت أعظم صناعته السيارات ووصلت إلى شفير الإفلاس، فجاء أوباما عطاراً ليصلح ما أفسده دهر بوش ورامسفلد، وأعاد للأمريكيين الشعب والحكومة كرامتهم الاقتصادية المهدرة, وأوقف الجيوش وأبطل القتل غير المبرر, والتفت إلى اقتصاد أمريكا في الداخل للمعالجة والترميم والتحديث، وأهتم بالمواطن وشؤونه وحاجاته، وحاربَ الإرهاب بالعمليات النوعية, وترك الوطن العربي يصنع ربيعه على طريقته فأُطيح بالدكتاتورية التقليدية التي تسللت من العسكر: تونس، مصر، ليبيا، اليمن سوريا، دون أن يكون لأمريكا دور عسكري، وترك فلسطين تصنع مستقبلها ودولتها دون ابتزاز أو ضغوط سافرة.
أوباما أعاد العالم إلى ثكناته العسكرية ومهاجعه بعد أن كنّا نعتقد أن العالم بعد 11 سبتمبر سيحترق بحرب ستشعلها أمريكا، حتى إن وزير الدفاع زمن بوش الابن يُهدد كوريا الشمالية بحرب ثالثة إلى جانب حربي أفغانستان والعراق حين قال: أمريكا على استعداد أن تخوض ثلاث حروب في وقت واحد.
والسؤال: هل استفاد العالم العربي من فترة أوباما في ولايته الأولى، وهل سيستثمر العرب ولايته الثانية؟
بلا شك أن العرب هم المستفيد الأول من أوباما، لأنه اتبع سياسة الدفع من الخلف إبان ثورات الربيع العربي ولم يتدخل مباشرة, ولو كان غير أوباما، وهذا افتراض فإننا سنرى الربيع العربي بصورة مختلفة.
نحن متفائلون في ولاية أوباما الثانية أن تكون - وهذا احتمال - مكاسب للفلسطينيين، ومزيداً من الاستقرار العربي واختفاء (فزاعة) تحريك الجيوش الأمريكية باتجاه الأراضي والبلدان العربية.