تسارع الأحداث وتراكم الأزمات في المنطقة العربيَّة يستدعي العمل دون تأخير والاكتفاء بالتفكير في عمل الدِّراسات والانهماك في عقد المؤتمرات دون أن تنفذ توصياتها.
في قلب المنطقة العربيَّة وعلى أطرافها وفي دول مهمة كانت وإلى وقت قريب تُعدُّ دولاً محورية انفجر الوضع وعصف بتلك الدول التي تكاد تَتحوَّل إلى دول فاشلة، هذا ما أصاب سورية ويُهدِّد مصر للحاق بالعراق واليمن وليبيا، أما الأوضاع في إقليم الخليج العربي فالمخاطر تحاصر دوله وبالذات البحرين والكويت فيما تتحرش قوى إقليميَّة وتكتلات حزبية بدول أخرى، وهو ما يستدعي إستراتيجيَّة عمل واضحة من قبل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة، إستراتيجيَّة تتطلب تعاونًا صادقًا ووضوحًا في الرؤية وشفافية في التَّعامل مع الأصدقاء والأعداء المحتملين دون مجاملة أو ادعاء الحياد الذي تسير عليه إحدى دول المجلس بالرغم من أن أمن الإقليم كلّ لا يتجزَّأ.
الأحداث في البحرين والتهديدات المتوالية من قبل أركان النظام الإيراني والمطالبة بتعظيم الدور الإقليمي لإيران على حساب الأمن العربي من خلال إمكانية عقد صفقة مقايضة مع القوى الدوليَّة للتخلي عن برنامج التسلح النووي مقابل منحها دورًا إقليميًّا يطلق يد النظام الإيراني في إقليم الخليج العربي والعراق وصولاً إلى سوريا ولبنان، وهذا يتطلب من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بالذات موقفًا واضحًا لا يقبل التلكؤ ولا التأجيل أو التردد، إذ يلاحظ أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للانتقال إلى مرحلة الاتحاد وبعد استنفاد مرحلة التعاون أهدافها والعجز عن صياغة تكتل يواجه الأخطار المحدقة، تكاد تختفي من الاهتمام الرسمي بعد أن عجز عن إيصالها إلى أهل الخليج.
الآن لم يعد الأمر سرًا، فإيران تُهدِّد وهي تحتل أراضي في دول الخليج العربيَّة، إذ توجد قواتها في جزر الإمارات العربيَّة التي حوَّلتها إلى مراكز متقدِّمة وأقامت على أراضيها قواعد بحريَّة وصاروخية تواجه ساحل الإمارات العربيَّة، أما دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة فلا يزال الوضع على حاله، إذ لم يتم تطوير قوات درع الجزيرة، كما لم تفعّل الاتفاقيات الأمنيَّة، ولا يزال العمل بطيئًا في اكتمال إقامة الدرع الصاروخي الذي يجب أن يكون فعَّالاً في حماية مكتسبات التنمية فيما لا يزال التنسيق بين أجهزة الدفاع الجوي يعتمد على المبادرات الثنائية في ظلِّ غياب مركز موحد للسيطرة والتَّوجيه والقيادة يوجِّه عمل أجهزة الدفاع الجوي لدول الخليج العربيَّة لمواجهة التنامي المفزع للصواريخ البالستية الموجهة لدول الخليج العربيَّة.
الأخطار واضحة والتهديدات مستمرة ولا تزال دول الخليج العربيَّة تدرس وتضع الاتفاقيات الأمنيَّة في الإدراج دون تفعيل، فيما يطغى الاجتهاد الفردي للدول دون أن يكون هناك عملٌ جماعيٌّ تتطلبه المرحلة الراهنة التي هي مرحلة خطرة بِكلِّ ما تعنيه الكلمة.
jaser@al-jazirah.com.sa