لاقى مشروع الاقتراح الذي تقدمت به الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي بطرح اقتراح دستوري بالانتقال من نظام الأغلبية البرلمانية لشكل الجمهورية الرئاسية، ففي النظام السائد الآن في تركيا ومنذ تأسيسها عام 1923م تتركز السلطة التنفيذية في الحزب الذي يملك الأغلبية البرلمانية ويمنحه الدستور حق تشكيل الوزارة، ويمثل رئيس الوزراء قمة هرم السلطة التنفيذية. ومنح الدستور أيضاً سلطات ومسؤوليات كاملة له وبمراقبة مباشرة من أعضاء البرلمان.
وفي حالة موافقة البرلمان التركي على مقترح العدالة والتنمية الحاكم سيتغير شكل الحكم من برلماني إلى رئاسي منتخب مباشرة من الشعب. وستكون الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في 2014م المفصل لهذا النظام الجديد والذي يركز السلطات التنفيذية والقيادة العامة للقوات المسلحة بيد رئيس الجمهورية المنتخب، ويصبح رئيساً لمجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي أيضاً، ويلغي منصب رئيس الوزراء المنتخب من أصوات أعضاء مجلس النواب.
وصرح نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداك في مجلس النواب قائلاً: «قدمنا مشروع القانون المعدل للدستور إلى مكتب رئيس البرلمان. ويتضمن هذا التعديل الاقتراح بالانتقال لمرحلة جديدة في شكل الحكم التركي وليصبح نظام الجمهورية الرئاسي»، وقد وضعت الأرضية المناسبة لهذا الاقتراح الدستوري الجديد حيث نص الدستور التركي المعدل «ينتخب رئيس الجمهورية وفقاً للتعديلات الدستورية الأخيرة، وسينتخب للمرة الأولى عبر الانتخابات الشعبية المباشرة والمقررة في 2014م خلافاً للانتخابات السابقة حيث يتم المرشحون للرئاسة الجمهورية من قبل التصويت داخل البرلمان التركي. ويثير تطبيق النظام الرئاسي الجديد كشكل مقترح للحكم في تركيا مخاوف المعارضة التركية والمتمثلة بحزبي «الشعب الجمهوري» وحزب «الحركة القومية» والتي تتخوف من جمع كافة الصلاحيات وتركيز السلطة لحزب واحد، ومنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة ومطلقة في إدارة الدولة والسيطرة الكاملة على المؤسسة العسكرية بصفته القائد العام للقوات المسلحة ويعيد صفة الزعيم الرمز ويلغي دور البرلمان التركي الرقابي للسلطان التنفيذية ومسار عمل الإدارة التنفيذية. وتخشى المعارضة من المعالجة الفردية للملفات السياسية الشائكة في محيط السياسة الداخلية والخارجية التركية، كالمسألة الكردية، والأقليات الدينية والعرقية، والمشكلات التي تعيشها السياسة الخارجية التركية حالياً مع دول الجوار سوريا والعراق وعدم الوصول لقرار سياسي واضح لمعاجة هذه المشكلات المستحدثة إثر تأييد ودعم النظام التركي لثورة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة. ويشكل ملف جزيرة قبرص وعلاقة إسرائيل بهذا الملف لتأسيسها قاعدة جوية في قبرص اليونانية لحماية بوارج استكشاف الغاز والبترول من المياه الإقليمية القبرصية مع تهديد تركيا بمنع أي شركة بترولية تحاول الحصول على امتياز التنقيب في قبرص.
ومن المعوقات الدستورية لتمرير هذا المقترح الرئاسي ضرورة تصويت أغلبية برلمانية تقدر بـ»367» صوتاً، وحزب العدالة والتنمية الحاكم يملك أغلبية محدودة «330» صوتاً برلمانياً فتحتم مساندة حزب من المعارضة، وقد يساند هذا المقترح من المعارضة حزب الحركة القومية إذا وُعد بمشاركة وزارية بعد الانتخابات القادمة. وقد وعدت المعارضة مناصريها في المؤتمرات الانتخابية لها بإمكانية توحيد صفوفها كقوة تنتهج المبادئ الكمالية العلمانية بوجه كتلة حزب العدالة والتنمية ذات الاتجاه الإسلامي الوسطي ومحاولة إبعاد أردوغان عن أحلام الرئاسة الأولى لتركيا في حالة ترشحه في الانتخابات العامة القادمة ودخول قصر جانكيا الرئاسي لأول مرة مع بداية مرحلة الجمهورية الثانية بزعامة أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم.
عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية