تغزّل الشعراء والأدباء بالمدن، كما رثوها وعشقوها ووقفوا على أطلالها وأنشدوا فيها أجمل قصائدهم، بعضهم اتخذها محبوبة وعشيقة، والبعض الآخر طفولة تجمل الذاكرة، وما أكثر القصائد التي كان محورها المدن.
فها هو الشاعر الجواهري يقول في يافا:
يافا يوم حط بها الركاب
تمطر عارض ودجا سحاب
ولف الغادة الحسناء ليل
مريب الخطو ليس به شهاب
وأخرى لإبراهيم خفاجي في مدن المغرب:
وَدَعْ الْيَأْسَ وَسَافِرْ واغَرَبِ
وَاشْتُرِ الْحَسَنِ بِأَرْضِ الْمَغْرَبِ
اغْتَنَمَهَا فُرْصَةً يَا صَاحِبَيِ
وَامَتَّعَ الْنَّفْسَ بِنَيْلِ الْمُطَّلِبِ
أما أنا فلي ألف حكاية وحكاية مع الرياض محبوبتي تلك التي لا ألبث أن أغيب عنها حتى سرعان ما يعود بي حنيني إليها.. الرياض التي لي فيها بيت تخفق الأرياح فيه وقصر من الذكريات.. الرياض وطن وأهل وسكن وذاكرة وحبيبة وثقافة وتراث،
الرياض التي قال عنها القصيبي في أجمل قصائده إلى قلبي:
“كأنك أنتِ الرياض
بأبعادها بانسكاب الصحاري
على قدميها
وما تنقش الريحُ في وجنتيها
وترحيبها بالغريب الجريح
على شاطئيْها
وطعم الغبار على شفتيها”
وقال فيها إبراهيم الوافي:
“الرياض المدينة المتطرّفة..!
هكذا قيل لي.. لكنني ما لقيتها يومًا إلا أنثى متمرّدة.. لا يتزوجها مقيمٌ ولا يطلّقها عابر..!
أحب الرياض التي تسكن ما بين أهداب العين وتتربع عرش القلب، حين اشتاق صفير ريحها وخطوها على الرمل في رحلتها الأبدية فإنني أصغي لصوت قلبي، وحين أشتهي معانقتها فإني أمد يدي للسماء كي تغيثني ببعضها، وحين يأسرني إليها الحنين أطلق الأشرعة إلى ضفافها وألوح لها بكف القلب.
أيتها الرياض حماك الله.. يا درب الأبطال الصامدين.. وحصن التاريخ الذي يشهد عليك
حماك الله وفدتك روحي.. سلام إليك.. سلام عليك
من آخر البحر
وحين تغيبُ الرياض
أحدّق في ناظريك قليلاً
فأسرح في “الوشم” “والناصرية”
وأطرح عند “خريص” الهموم
وحين تغيبين أنتِ
أطالع ليل الرياض الوديع
فيبرق وجهكِ بين النجوم
mysoonabubaker@yahoo.com