القصة التي أوردتها في الجزء الأول من مقالي الأسبوع الماضي تتضمن أكثر من دلالة: أولها أن التراث الشعبي للمجتمعات يتضمن ثقافة هذا المجتمع السائدة فيه، وبالنسبة لنا يتضمن تراثنا الشعبي الكثير من الأعراف والتقاليد السائدة التي تعكس الكثير من القضايا أحدها قضية الزواج التي لايبدو أنها سهلة وميسرة، بل يحفها الكثير من العقبات بحكم خصوصيتنا، هذه القضية أصبحت أكثر صعوبة وتعقداً مع انتشار التعليم وذلك التعارض الطبيعي بين ماتفرضه قوانين الحياة المتحضرة وبين تلك الأعراف والتقاليد التي لايقرها الدين والتي بقيت سائدة حتى يومنا هذا.
الأمر الآخر الذي تضمنته القصة (وهو أحد العادات السائدة)، هو أن المرأة هي المسؤولة دائماً عن الأسرة وعن كل مايحدث فيها، بما في ذلك الزوج هي المسؤولة عن كل خلل أو انحراف عن الطريق السوي بما في ذلك انضباط الرجل والتزامه وهي المسؤولة أيضاً عن فعل كل مافي وسعها لكي تجعل منه كائناً ذا قيمة، أما هو فهو مسؤول عن نفسه فقط وهو (ناقل عيبه) كمايقال في الأمثال الشعبية بمعنى لايضيره شيء بما أنه رجل، يكفيه فخراً أن يكون رجلاً وحسب، أما حقوقها حسب العادات السائدة فهذه مسألة فيها نظر!
منذ سنوات، خُطبت إحدى الفتيات وقد حظر عليها زوجها منذ الأيام الأولى للزفاف أن تتعاطى مع الانترنت أو تتخذ إيميلاً، الويل لها إن فعلت، رغم أنها معلمة ومربية أجيال، ولا أدري ماذا ستفعل الآن في هذا الزمن الذي أصبح فيه الانترنت في بيوتنا كالماء والهواء؟!
إلى فترة قريبة كنت أعتقد أن الكثير من المفاهيم السلبية السائدة في موضوع الزواج قد ولّت إلى غير رجعة وأن مثل هذا النموذج الذي ذكرته أعلاه قد غاب إلى الأبد، مع التطور والتغير الذي نراه يومياً حولنا أو الذي فرضته الحياة بصورة جعلتني أوقن بأننا أصبحنا أفضل، لكنني اكتشفت كم كنت مخطئة فقد سمعت مؤخراً من إحدى الزميلات أنها خُطبت بطريقة تقليدية لأحد الأشخاص وكانت طوال الوقت صامتة تستمع إليه إذا ماحدث يوماً وهاتفها لترى كيف يفكر وماذا يريد حقيقة؟! خاصة وأنه مرتبط بزوجة ولايوجد لديه مبرر منطقي للزواج عليها، وبعد أن صمتت ما فيه الكفاية، تجرأت بعد الرؤية الشرعية لتتحدث في أمور طبيعية تتعلق فقط بمفهومها حول الحياة، وكان ذلك كافياً أن يفرّ الخاطب بجلده فهو يريد امرأة صامتة يمكنه تحريكها بالريموت كنترول، وإلا كيف سيُحكم قبضته على امرأتين متعافيتين يتجول بينهما بمنتهى الحرية، عندها علمت المرأة يقيناً بأن ذلك الخاطب كان من ذلك الصنف الذي يردد مابقى إلا الحريم يحكين)!.