أذكر في محادثة هاتفية جرت ذات يوم بيني وبين فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي- رحمه الله- أنه قال:
(نواة التمر حين تُرمى لا تُنبت نخلة إذ لا حياة فيها، بينما حين تُزرع وتنبت تجري فيها الحياة)..
سجلت عبارته في مفكرتي وأذهب أتأملها مرارا..!
إن القياس حين يؤخذ من أصل الشيء، يمنح متسعا للمفارقة، والتأمل، والوصول إلى نماذج يتمثلها ذو العقل..، إذ رميك للنواة ليس كجزك للنخلة.., الحياة لا تموت إلا بالإزهاق..، والنبت لا يحيا إلا بالسقيا.., والواهب الحياة هو الله تعالى...
كم من البقايا التي يصد عنها المرء وهي بالعناية يمكن أن تحقق له وجودا أجمل، وحياة خضراء..؟...
فيما حين يهملها تذهب مع ما يذهب وتفنى..؟
من حولنا حين نتأمل الكثير مما يمكن أن يعنى به من بقايانا، وما نستهلكه، وما نتمتع به من النعم مما يطعَم، ويشرب لو أخذنا ببقاياه وتعاملنا معها بما يؤهلها من جديد للنبت أو النفع لخففنا الكثير من أعباء البقايا التي في منتهى مطافها هي ملوثة للبيئة، ضارة بمصالح الإنسان..
النواة حين تغدو نخلة تتدلى في الطرقات بثمارها، وتنوف في الفضاء بعذوقها كم من الجمال والنعمة تمتع المارين، بل المقوين المستظلين..؟
القياس مطروح ليكون مطبقا على ما شابه وشاكل..
وللإنسان أن يتفكر، كم من نعم الله عليه التي لا يريد منها خالقها لا ثمارها ولا لحومها ولا بذورها شيئا، إنما خلقها ليمتع بها الخلق، وليتكافلوا من أجل حياة تنبض فيها الحياة، ولا تغفل فيها الفوائد..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855