في هذه المرحلة المضطربة من حياة البشر على كوكبنا الأرضي، يجب أن تتميز علاقاتنا بأولادنا صغاراً وكباراً بالتواصل النفسي والفكري والثقافي، والصداقة العميقة التي تجعل أبواب التفاهم والمصارحة مفتوحة بيننا وبينهم دائماً. في عصرنا صراعات كبيرة بين الأفكار والمذاهب والمعتقدات، ومعارك ملموسة بين أنماط السلوك البشري، وخلافات جوهرية بين أخلاق وقيم الأمم والشعوب، والميدان الحقيقي لذلك كله بيوتنا ومدارسنا ومؤسساتنا الخاصة والعامة وأسواقنا وأماكن الترويح التي تتلاقى فيها الأسر ويتشارك فيها الأطفال من خلال الألعاب والبرامج الترويحية المختلفة، بل إن عقولنا وقلوبنا أصبحت ميداناً مفتوحاً لتلك الصراعات والمعارك والخلافات.
إنها الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن أذهاننا ونحن ندير شؤوننا العائلية وعلاقاتنا الأسرية.
إن الطفل - ذكراً كان أم أنثى- الذي يحمل في يده هاتفاً جوالاً من أي نوع كان، يخوض معركة فاصلة مع برامج متعددة رياضية وثقافية وترويحية ومسابقات وألعاب كثيرة الأصناف تمثّل توجهات عقدية وسلوكية وجوانب تربوية تحمل أفكار معدي وصانعي تلك البرامج من مسلمين وغير مسلمين، وصالحين وطالحين، ومصلحين ومفسدين، وهي معركة حقيقية لا بد أن تنتهي بمنتصر ومهزوم، والطفل - غالباً- هو المهزوم إذا لم يجد من أهله ومعلميه معيناً له في المعارك التي يخوضها ولم يجد موجهاً أو نصيرا.
هنا تأتي أهمية توثيق العلاقة بيننا وبين أولادنا، ومد حبال الصداقة والتفاعل معهم، لنكون معهم جبهة قوية في معركة العصر الشاملة.
إن جلسة قصيرة مع أولادنا نتجاذب فيها أطراف الأحاديث بمودة غامرة وحب صادق، جديرة أن تقوّي نفوسهم وتحصّن عقولهم، وتبعد عنهم الاضطراب والقلق والانهزام أمام الخصم الحضاري الغربي الذي لا يهدأ ولا يكل ولا يمل من شن حربه علينا عبر الوسائل المتعددة التي ترافقنا وترافق أهلنا وأبناءنا في كل مكان.
ما أحوجنا إلى التخلص من ضعف الإحساس بخطورة هذه المعركة التي تدار في ساحاتنا بمهارة واقتدار من قبل من يخالفوننا عقيدةً وثقافةً وفكراً وأخلاقاً.