|
بقلم - توماس سي ريدمان (*):
بينما تكرس الشركات قدراً متزايداً من الوقت والطاقة لجمع كميات هائلة من البيانات يتجاهل كثيرون خطوة أولى حاسمة، وهي وضع المسؤولية عن البيانات في عهدة أشخاص من خارج قسم تكنولوجيا المعلومات.
ويتم تجاهل هذه الخطوة في معظم الممارسات الحالية، وقد تبدو غير متوقعة؛ لذا دعوني أشرح الأمر بدقة: يبدو من الواضح بما فيه الكفاية أن المرء يحرص على حفظ إدارة البيانات على أقرب مسافة ممكنة من مركز التصرف. وتكمن أهم لحظتين في حياة قطعة بيانات في ساعة إنشائها وساعة استخدامها. علماً بأن هذه الأوقات في معظمها لا تكون داخل قسم تكنولوجيا المعلومات، بل في الكواليس، عندما يُدخل مندوب مبيعات عميلاً جديداً، وفي الإدارة الوسطى، عندما تبذل مجموعة معيّنة جهوداً لتحسين الحصة السوقية، وفي مكتب أحد المسؤولين التنفيذيين، عندما يقرر ما إذا كان سيعيّن موظفين جدداً أم لا.
ومن المفترض أن تُلقى مسؤولية البيانات على عاتق الأطراف التي ستحقِّق القدر الأكبر من الربح أو الخسارة، مع الإشارة إلى أن أقسام الأعمال تحقق مكاسب كبيرة جداً عندما تولّد قيمة من البيانات. أما قسم تكنولوجيا المعلومات فلا يجني إلا القليل عندما يتم استخدام البيانات لتحسين منتج أو خدمة.
إلى ذلك، يُظهر قسم تكنولوجيا المعلومات، بصورة شبه متكررة، أكبر قدر من الفعالية عندما يواصل تسليط الضوء على التكنولوجيا؛ فالبيانات ليست أبداً موطن قوته. ولا عجب إن سادت العادة في أقسام تكنولوجيا المعلومات بإخفاء البيانات في أبعد الأماكن.
وبكل بساطة، يفتقر معظم الأشخاص والشركات إلى التفكير العميق حول الطرف الذي يجب أن تُعهَد إليه المسؤولية عن البيانات. وأرى أن معظم الناس يفترضون من دون اكتراث أنه «في حال كان الأمر مرتبطاً بجهاز كمبيوتر فلعلّه من مسؤوليات قسم تكنولوجيا المعلومات». ولكن باللجوء إلى هذا المنطق، من المفترض أن تكمن مسؤولية الموظفين في قسم المرافق؛ ففي نهاية المطاف هم يقومون بمعظم عملهم داخل أبنية.
وتتطلب أنواع مختلفة من الناس، ورؤوس الأموال، والتكنولوجيا، والبيانات، أنواعاً مختلفة من الإدارة. ولا يدير المرء الأصول البشرية بالطريقة نفسها التي يدير بها أصول البيانات أو التكنولوجيا. وقد يُعتبر هذا السبب الأهم لسحب المسؤولية من قسم تكنولوجيا البيانات، وفرضها على قسم الأعمال.
وسيحرر الأمر بدوره قسم تكنولوجيا المعلومات؛ ليقوم بالأمور التي يبرع فيها أكثر من غيرها؛ حيث إن حاجة الشركات إلى تحسين طريقة استحواذها على البيانات وحفظها وتسليمها وحمايتها تنمو بوتيرة أسرع من أن تمكّنها من تبرير إنفاق قسم تكنولوجيا المعلومات طاقته على دور من المستحيل أن يؤديه بشكل جيد.
(*) (حاز توماس سي ريدمان شهادة دكتوراه، ويترأس شركة «نافيسينك كونسالتنغ غروب»، ويقدّم الاستشارات للمؤسسات عن بياناتها وبرامج نوعية البيانات. وهو مؤلف كتاب «بتوجيه من البيانات: الاستفادة من أهم أصول الأعمال لديك» Data Driven: Profiting From Your Most Important Business Asset).