|
بقلم - ماثيو إي ماي (*):
في عالم يتّسم بالإفراط، يدرك المبتكرون الجشعون أن قلّة الأمور أفضلها. ويعرفون أن توفير تجربة جديرة بالذكر ومليئة بالمعاني مرهون بالتزام المستخدم، ويكمن أفضل الطرق للتوصل إلى ذلك في اعتماد مقاربة اختزالية.
وخلال السنوات الست الماضية، درستُ أكثر من ألفي فكرة في مجال الأعمال - شملت منتجات وخدمات وإجراءات واستراتيجيات. والجدير ذكره أن الأفكار التي تأتت عنها أفضل النتائج على الإطلاق واستندت إلى مقاربة لبقة واختزالية اشتملت كلها على خصائص مشتركة:
- الخصائص المبسّطة: لا يدرك معظم الناس أن النسخة الأولى من تطبيق مشاركة الصور الشديد الرواج «إنستاغرام» كانت عبارة عن برنامج معقد ومثقل بالخصائض حمل تسمية Burbn، وكان يفتقر إلى اقتراح واضح للقيمة التي يوفرها، وبالتالي قلّ عدد مستخدميه. وقد حثّ ذلك الشريك المؤسس كيفن سيستروم على إلقاء نظرة خارجية إلى الأمور، والتخلص من الفوضى القائمة، وتقليص التطبيق ليتحوّل إلى برنامج يفهمه الناس ويستطيعون رؤية مضمونه في ثلاثين ثانية، فسمح بالتقاط صورة، واختيار مصفاة تحوّلها إلى عمل فني، ثم نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي. أما النتيجة، فهي أن تطبيق «إنستغرام» جمع مليوني مستخدم في فترة لا تتعدى الأربعة أشهر ونصف الشهر، وقد استحوذت عليه «فيس بوك» في نهاية المطاف.
- التساهل في القيادة: يزداد الميل إلى اعتماد تركيبات مؤسسية أكثر تساهلاً. وتُعرف شركة «دبليو. أل. غور،» المصنّعة لمنتجات «غور-تيكس» بثقافتها المؤسسية المستندة إلى فريق عمل وعدد قليل من رُتب العمل الرسمية. وتفتخر شركة «فالف» المنتجة لألعاب الفيديو التي اتخذت من ولاية واشنطن مقراً لها بكونها «خالية من الرؤساء». وحتى أن شركة إنتاج السيارات العملاقة «تويوتا» تطلب من المستخدمين الجدد لديها «بالبحث عن وظيفتهم» - بمعنى أن الموظفين عليهم مواجهة أي تحديات تتناسب مع مجموعة المهارات التي يتحلّون بها.
- هدوء البال: إنه أمر يقوم به قادة «جنرال إلكتريك»، و»ثري أم»، و»بلومبرغ ميديا»، وموقع Salesforce.com. والأمر سيّان بالنسبة إلى رئيس مجلس إدارة «فورد موتور» وليام فورد، ورؤساء الشركة السابقين بيل جورج من «ميدترونيك» وروبيرت شابيرو من «مونسانتو»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس شركة «أوراكل» لاري إليسون، الذي يطلب من مدرائه التنفيذيين القيام به أكثر من مرة في اليوم. إنه التأمل، تلك الممارسة التي تزيل تشتت الأفكار وتساعد على تعزيز الإدراك الذاتي، وتجعل الدماغ مستعدّاً لرؤية الأفكار المبدعة. وفي العام 2007، آلت الأمور بإطلاق شركة «غوغل» دورة تنبيه للذهن وتأمّل في جامعة «غوغل» التابعة لها، من أجل مساعدة الموظفين على حفظ سيرة الابتكار القوية التي تتّسم بها الشركة.
وتضاف هذه الميول الثلاثة إلى فكرة نافذة وبسيطة، مفادها أن إزالة العوائق المناسبة من الطريق المناسب، تؤدي بلا أدنى شك إلى حصول أمر إيجابي.
(*) (ماثيو إي ماي مؤلف كتاب «قوانين الطرح: ست قواعد سهلة للفوز في عصر الإفراط الشامل» The Laws of Subtraction: 6 Simple Rules for Winning in the Age of Excess Everything، كما أنه يلقي محاضرات ويقدّم استشارات لشركات من بينها «تويوتا» وموقع Edmunds.com و»إنتويت» و»إيه دي بي»).