|
بقلم - ريتشارد لامب:
يواجه القطاع المصرفي العالمي حقيقتين متناقضتين. فمن جهة، وبغض النظر عن المخاوف الاقتصادية الراهنة، تكمن الأسواق الناشئة في الأماكن التي تظهر فيها فرص نمو طويلة الأمد. ومن جهة أخرى، أرغمت أزمة منطقة اليورو المصارف على إعادة النظر في استثماراتها في أسواق عديدة، بما يشمل أسواق الاقتصاديات الناشئة. أما النتيجة، فافتقار إلى الفرص - وفراغ تُظهر مصارف من الأسواق الناشئة والعوالم المتقدمة منذ الآن استعدادها لملئه.
وفي ظل تحررها الكبير من الديون ومن تخفيض مستويات الاستدانة اللذين قوّضا النمو في الغرب، تبقى الاقتصاديات الناشئة في آسيا، وإفريقيا، وأميركا اللاتينية بين قلة من المناطق التي تختبر نمواً سليماً نسبياً. والواقع أن «البنك الدولي» يتوقع من الاقتصاديات النامية تسجيل نمو بنسبة تزيد بأربع مرات تقريباً عن تلك المسجلة في العالم المتقدم خلال السنة القادمة.
وتعمد مجموعة من المصارف الغربية السليمة ومن المشاركين في السوق الذين يديرون عملياتهم في الأسواق الناشئة ومحيطها إلى رصد فرص يتعدى نطاقها منطقة اليورو. ومن المحتمل أن تتأتى عن تحركاتها فئة جديدة من القادة المصرفيين العالميين خلال العقد القادم. فمن سيكون هؤلاء القادة؟
* المصارف اليابانية: بالنظر إلى بعض الجوانب، ينطوي تقشّف المصارف الأوروبية على مواطن تشابه مع المحنة التي اختبرتها المؤسسات اليابانية في تسعينيات القرن العشرين، عند ما قوض انكماش الاقتصاد المحلي أداء المؤسسات المصرفية الدولية العملاقة التابعة له. وفي ظل انسحاب اليابانيين إلى ديارهم، برزت المصارف الغربية على الساحة العالمية. والوضع اليوم شهد انقلاباً، حيث إن عدداً من المصارف اليابانية الكبرى التي تملك فائض ودائع يعمل مجدداً على التوسع عالمياً ويشتري محافظ قروض من مصارف غربية. ويشمل مشاركون رئيسيون مصارف «أس أم بي سي»، و»ميتسوبيشي يو أف جي» و»ميزوهو».
* المشاركون في الأسواق الناشئة: قد تملأ الفراغ المصرفي أطراف من الداخل، إذ يوفر الانسحاب الأوروبي فرصاً غير مسبوقة بالنسبة إلى مصارف الأسواق الناشئة التي تسعى لإيجاد بديل عن المؤسسات الدولية. وعلى سبيل المثال، يمكن الكلام عن «سبيربنك» الروسي الذي وافق السنة الماضية على شراء عمليات «فولكسبنك» النمساوي في ثماني دول أوروبية لقاء 800 مليون دولار تقريباً.
* المصارف الغريبة المخططة للمستقبل: تعمل مجموعة صغيرة من المؤسسات الغربية الناضجة على إعادة ابتكار ذاتها كمشاركة في الأسواق العالمية. وإلى جانب مصارف معروفة استفادت لوقت طويل من الأسواق الناشئة (على غرار «إتش أس بي سي» و»سانتاندر» و»ستاندرد تشارترد»)، بدأت أسماء جديدة بالظهور. وعلى سبيل المثال، أعلن «ويلز فارغو» مؤخراً عن مشاريع توسّع في 20 سوقاً جديداً، بما يشمل الصين، وهونغ كونغ، والهند، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة.
وبالتالي، ستنضم المؤسسات التي تنجح في ملء الفراغ من أجل اقتطاف فرص النمو المستقبلية في الأسواق الناشئة إلى فئة جديدة من القادة المصرفيين العالميين.
(يتبوأ ريتشارد لامب منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة تشغيل العمليات «أكسنتشرز فاينانشل غروب» التي توفر خدمات في مجالات الاستشارات الإدارية والتكنولوجيا والتعهيد لمؤسسات مالية عالمية رائدة).