تخيل أنك لم تسدد فاتورة الهاتف.. بالتأكيد سيتم قطع الخدمة عن هاتفك.
تخيل أنك لم تسدد فاتورة الكهرباء.. بالتأكيد سيتم قطع الكهرباء عن منزلك.
تخيل أنك لم تسدد فاتورة الماء.. بالتأكيد سيتم قطع الماء عن منزلك.
تخيل أنك انعطفت بسيارتك اتجاه اليمين دون أن تتوقف عشر ثوانٍ.. ستتم مخالفتك بمبلغ مالي.. يتضاعف بعد ثلاثين يومًا.
تخيل أنك تأخرت عن الإبلاغ بواقعة ولادة.. ستدفع غرامة مالية.
تخيل أنك بحاجة لجواز سفر.. ستلزم بدفع مبلغ مالي.
تخيل أنك راغب في فتح محل تجاري.. ستلزم بدفع مبلغ مالي لاستخراج ترخيص يجدد كل عام.
تخيل أنك اشتريت سيارة جديدة.. لن يسمح لك بالسير على الطريق إلا بعد دفع رسوم الطريق للبلدية ورسوم إذن من المرور بالسماح لسيارتك بالسير.
تخيل أنك راجعت الأحوال المدنية دون موعد مسبق عبر شبكة النت.. لن يأبه بك أحد.
* * *
كل هذا وغيره هو من الواجبات العامة على المواطن، هو ملزم بها باعتباره جزءاً من كل عام إلا ما دخل في باب الاستثناء طبعاً، ومع هذا فليست الواجبات في كل الأحوال دون حقوق، إذ هناك أيضاً حقوق متاحة ودون غرامات وجزاءات تأخير، فمن حقك أن تتنفس مجاناً وتتصبب عرقاً من حرارة الشمس دون أن تدفع فلس واحد، بل إن كثيراً من الأجهزة الحكومية تتعمد طردك ومنعك من الوقوف بجوار أسوار مبانيها حرصاً منها على رشاقتك وتجديد هواء رئتيك، هذا ليس كل شيء، فجهاز المرور يحرص على سلامتك بتطبيق أنظمة السير اليكترونياً عبر كاميرات كلفت المليارات من الريالات لتوقع بالمخالفين مرورياً وليس جنائياً فهؤلاء الجناة الذين يسرقون ويعبثون من مسئولية الشرطة التي تسجل بلاغات المتقدمين لإخلاء مسئوليتهم بشكل مبدئي، ثم إن لك كامل الحق في أن تتحرى وتبحث في سوق الحراج عن أثاث بيتك أو حجز المرور عن سياراتك المسروقة، كل هذه الحقوق لك وللجميع كامل الحرية فيها، بل وتجتهد الأجهزة المعنية بتوسيع هذه الحقوق والحريات بمنح الناس مساحات أكبر للركض ومصارعة الاختناقات المرورية لتنشيط دورتهم الدموية التي تساعد في تسريع نبضات القلب ليصحو شبابهم وتتجدد نظارة بشرتهم وتتفتح مناسم أجسامهم، فالسمنة والكروش وتهدل الصدور أرهقت المستشفيات وزادت أعباءها بما تجاوز طاقتها الاستيعابية، وعلى طارئ تهدل الصدور فقد أكد وزير الزراعة براءة الدجاج وخلو مسئوليته من ذلك، وقد تم رفع سعر الدجاج مؤخراً لإنقاذ الدجاج من هذه التهمة في إصرار واضح لتأكيد الرغبة الوطنية في حث المواطن على الركض أكثر وأكثر، فالخمول يبلد العقول ويكدس الشحوم.
* * *
تخيل أن من حقك أن تصحو متى شئت وتنام متى شئت أيضاً.
تخيل أن من حقك أن تشكو وتتظلم لدى أي جهة أيما كانت.
تخيل أن من حقك أن لا تتزوج ولا تبني بيتاً ولا تشتري سيارة.
تخيل أن من حقك أن لا تستخدم الهاتف ولا الكهرباء ولا الماء.
تخيل أن من حقك أن تقاطع الدجاج واللحوم والخضراوات.
تخيل أن من حقك أن لا تنظف أسنانك.. تصور!!
* * *
لكن لابد أن تعرف أن الموازنة بين الحقوق والواجبات ليس بالأمر السهل، فالواجبات في الغالب حق عام للجميع وعلى الجميع إلا من يستثنى من العموم لخصوصيته، أما الحقوق فهي مكفولة للجميع دون استثناء هذه المرة، وهي مثل اللآليء والدرر الثمينة، لهذا تحفظ في خزائن صلبة وقوية ومقاومة للحريق ولا تصرف إلا بعد تدقيق وتمحيص وتوثيق للاستحقاق، وهنا إن تراءى لك خلل في الميزان الحامل لكفتي الحقوق والواجبات.. تخيل..
Hassan-Alyemni@hotmail.comTwitter: @HassanAlyemni