|
حاوره - أحمد العجلان:
قدم الأستاذ محمد المسحل نفسه كأحد الأسماء التي تستحق الإشادة والإنصاف فهو ربما يكون أحد الإداريين القلائل المميزين الذين قدمتهم الرياضة السعودية في سنواتها الأخيرة، وهو يقود حملة للتغيير في وسطنا الرياضي بأسلوبه الراقي وطريقته العلمية في العمل وتعاطيه مع الأحداث بفن وحكمة.. حاورته فوجدته كما عهدته متفهماً متفتحاً في فكره وأسلوبه ومرونته مع الأسئلة فلم يكن الحوار كلاسيكياً، بل كان مفعما بالروح المتفائلة والنظرة المستقبلية المنطقية.. لن أطيل عليكم إليكم تفاصيل الحوار:
* سأبدأ الحوار بالحديث معك كمسؤول عن المنتخبات السعودية.. السؤال المطروح حاليا: ما هي الفائدة من اللعب مع إسبانيا والأرجنتين والمنتخبات الكبيرة؟.. وما هي نظرة رايكارد لهذه المباريات؟
- أخي العزيز، لقد قلنا في أكثر من مناسبة، إن كرة القدم السعودية بشكل عام والمنتخبات السعودية بشكل خاص، تمر بمرحلة تغيير جذرية تمر بها جميع المنتخبات في العالم، ونرى نحن في إدارة المنتخبات (خاصة بعد خروجنا من تصفيات كأس العالم في البرازيل) أن الوقت مناسب الآن لخوض مباريات قوية مع منتخبات تضيف لنا فنياً، خاصة أن موضوع التصنيف الآن لم يعد له تأثير على منافساتنا القادمة، ولهذا السبب تم اختيار منتخبات قوية لخوض اللقاءات معها! وبكل تأكيد فرانك رايكارد هو جزء لا يتجزّأ من وضع وتنفيذ هذه الخطة، وهو سعيد جداً بها.
* أيضاً البعض يتحدث عن المبالغ التي تتكبدها الميزانية للمباريات.. فمثلاً مباراة الأرجنتين ستدفعون حوالي مليوني يورو من أجل لعب المباراة.. ما تعليقك؟
- بغض النظر عن مدى صحة المبلغ الذي ذكرت من عدمه، هل يتوقع أي شخص أن يأتي منتخب الأرجنتين بكامل نجومه العالميين، ليلعب معك مباراة على أرضك بلا مقابل مادي؟! وهل تتوقع منتخبا بهذا الحجم سيأتي بمقابل مادي مثله مثل أي منتخب آخر من المنتخبات العادية؟! بالطبع لا! وهنا يجب أن يكون هناك تكاليف مختلفة إن أردنا أن نثري الساحة الكروية بوجود مثل هذا المنتخب، وإن أردنا أن نرى منتخبنا الأول يحتك بنجوم بحجم نجومه. وعلى أية حال، أغلب مصاريف مباراة الأرجنتين سيتم تغطيتها من بيع حقوق النقل التلفزيوني، وبيع اللوحات الإعلانية وأيضاً بيع تذاكر المباراة. ونحن نحاول أن نكرس هذا المفهوم حتى نصل للمستوى الذي يجعل من مثل هذه المباريات مصدر دخل للمنتخبات بدلاً من أن تكون مصدر تكلفة. وهذا يتطلب وقتا واكتساب خبرة.
* هل يقلقكم تصنيف المنتخب المتأخر فوق المائة؟
- الكل يتمنّى أن يرى تصنيف منتخبنا أفضل وأفضل بكل تأكيد، لكننا كنا نتوقع أننا إذا ما قمنا بتطبيق خطتنا البديلة (وهي الخطة التي وضعت في حال خرجنا من التصفيات المونديالية) وقمنا بعمل التغيير الجذري الذي نقوم به الآن في صفوف المنتخب، وبدأنا بمقابلة منتخبات قوية ومتوسطة، أن يهبط تصنيف المنتخب في تصنيف الفيفا، ولكن في الواقع هو أمر غير مقلق، خاصة أنه أمر لن يؤثر علينا الفترة القادمة فيما يخص قرعة أو خلاف ذلك و- بإذن الله - عند وصولنا للوقت الذي يكون لهذا التصنيف تأثير، سنكون وقتها - بإذن الله - في موقع أفضل - إن شاء الله - خاصة أن منتخباتنا السنية كلها تبشر بوجود عدد كبير من كوكبة نجوم قادرة على العودة بالكرة السعودية لموقعها الطبيعي، وهي كما قلت لك، جزء من الدورة الحياتية لكل منتخب.
* يكثر الحديث عن المرتب العالي لرايكارد وجهازه الفني.. بكل صراحة هل تضايقك مثل هذه الأحاديث وقل لي نظرتك وفلسفتك في هذا الأمر (عقد رايكارد)؟
- في الحقيقة، العارفون في الحقل الكروي، يدركون أن وجود مدرب عالمي بحجم السيد فرانك رايكارد، لن يكون بتكلفة عادية، بل ويدركون أن وجوده، سيمثل إضافة فنية ومعنوية كبيرة لكرة السعودية، بغض النظر عن نتائج المنتخب الأول الذي يمر بأزمة بدأت قبل مجيء السيد رايكارد بأشهر، بل وبسنوات، ولذلك، أنا لا أتضايق عندما تصدر هذه التساؤلات من غير المختصين، ولكن أشعر بالأسى عندما أرى مثل هذه التساؤلات تأتي من أطراف متخصصة، وفاهمة لمثل هذه الأمور، وتكون بطريقة فيها الكثير من التأجيج غير المنطقي، وكأن راتب رايكارد هو سبب جميع مشكلات المجتمع، وعلى أية حال، لن أخوض أكثر في هذا الأمر.
* هناك الكثير من الانتقادات لضم لاعبين جدد للمنتخب منذ بداية بروزهم مثل سالم الدوسري وفهد المولد وغيرهما وأن هذا يؤثر سلبيا على اللاعب نفسه؟
- أخي أحمد، الانتقادات أمر طبيعي، تعودنا عليه، بعضها ينتقد ضم هؤلاء اللاعبين، وبعضها ينتقد عدم ضمهم، إلخ! وفي مثل هذه الوسط المليء بالآراء المتحمسة، لن تجد إجماعا على رأي واحد، والحل هنا، أن تلجأ للخبراء المتخصصين بهذا المجال، وتعطيهم حرية العمل، ونراهم في بعض الأحيان يقومون بضم بعض هؤلاء النجوم، وأحيانا أخرى يكون هناك نجوم صغار لا يتم ضمهم، وهذا عائد للنظرة الفنية للجهاز الفني التي لا يتدخل بها أحد على الإطلاق، ونحن مقتنعون بها 100%.
* بالمناسبة لاعب مثل فهد المولد يتم الاستعانة به في ثلاثة منتخبات بينها المنتخب الأول... لماذا تفعلون به كل هذا؟
- أولا، فهد المولد هو نجم وموهبة كروية نادرة، وذو فكر عال، ومن شريحة اللاعبين الذين لا يغشهم الثناء الزائد أو النقد القوي، وعلى الرغم من صغر سنه (19 سنة) فهو يتمتع بذكاء يستطيع من خلاله أن يتخذ القرارات الصحيحة وأن يتجنب التأثير السلبي للثناء والنقد، ولهذا، فأنت تتحدث معي عن موهبة فريدة من نوعها.
ثانيا، فهد كان مع منتخب الشباب في كولومبيا، الذي هو الآن منتخب تحت 22 (الأولمبي) وهو بالوقت نفسه لاعب لمنتخب الشباب الحالي، لأنه من مواليد 93 أصلاً، بل وهو دعامة من دعاماته الأساسية، ولرغبة الجهاز الفني للمنتخب الأول لإعطائه الفرصة لرفع معنوياته، تم ضمه للمنتخب الأول في مباراة ودية فأنت لا تستطيع أن تحرمه من مشاركة منتخب تحت22 في استحقاقاته، أو أن تحرمه من المشاركة في كأس آسيا للشباب المؤهلة لكأس العالم، التي يتطلع فهد ليكون معهم - بإذن الله - أو أن تحرمه فرصة تمثيل المنتخب الوطني الأول، وهي فرصة مهمة بالنسبة له!
والمنتخبات الثلاثة يا أخي الحبيب، استحقاقاتها ليست في نفس اليوم أو نفس الأسبوع، أو حتى نفس الشهر! حيث إن طرحك قد يعطي القارئ انطباعا بأن اللاعب سيشارك مع المنتخبات الثلاثة في وقت واحد! وهذا أمر غير معقول وغير منطقي. وللعلم، لدينا أجهزة طبية ذات مستوى عال، هي التي تحدد إذا ما كان اللاعب يستطيع العطاء، من جميع النواحي، البدنية والنفسية والطبية... إلخ.
وأخيراً وليس آخراً، نحن لسنا الوحيدين الذين يملكون لاعبين يشاركون في أكثر من منتخب! فكوريا واليابان واستراليا، بل وبلدان أخرى عالمية، يكون لديها في أغلب الأحيان لاعبون مميزون يشاركون في أكثر من منتخب.
* بالتأكيد أنت قريب من رايكارد.. لماذا شخصيته ضعيفة وهل تحدثتم معه بهذا الشأن؟
- قبل وصول رايكارد، كان الجميع يتوقعه ذا شخصية قوية وقاسية، بل وشخصية مغرورة صلفة! وبعد وصوله، تباينت الآراء، منها من يقول إنه رجل غير مبال، وآخرون يتهمون شخصيته بالضعف، وغير ذلك من تخمينات غريبة، استغرب كيف حولها البعض إلى أحكام جازمة.
السيد رايكارد يا أحمد رجل راق جدا، ويتعامل مع الجميع برقي ومهنية عاليتين، ولكنه بالوقت نفسه، ذو قرارات قوية وصارمة، ولا يرضى على الإطلاق بأن يتدخل أحد بعمله حتى لو من باب الإيماء أو التلميح أو حتى النصح! فهو يكتفي بتبادل الآراء الفنية مع جهازه ومع رئيس اللجنة الفنية للمنتخبات السعودية، ويقوم بتسليمنا تقاريره الفنية التي تتضمن قراراته وقوائمه، ولا يتقبل أي تدخل في عمله على الإطلاق. فآخر شيء ممكن تقوله عن شخصية هذا الرجل هي أن تكون ضعيفة.
* محمد المسحل على المستوى الشخصي لك يرى البعض بأنك تتعالى في طريقة تعاطيك مع الآراء التي تتحدث عن المنتخب وكأنك الشخص الوحيد الفاهم؟
- طبيعي أن يكون هناك هذا «البعض» في كل حقول ومجالات العمل، والمشكلة أن الذي يعمل ويتحمل مسؤولية العمل هو أنا وفريق عملي، وليس هؤلاء البعض. وعلى أية حال، التحاور المبني على منطق واحترام متبادل، لا يجد منّي إلا كل إصغاء وإنصات واحترام، والطرح المبني على التهميش والتحجيم والإسقاط، سيراك دائماً متعاليا، لأنك لا تقبل بتهميشه وتحجيمه وإسقاطه. ولا أتذكر أخي أحمد أن هناك جهة رياضية رسمية قامت بإعطاء فرص للحوار المفتوح مثلما فعلت إدارة المنتخبات ورئيسها، وقد أكون مخطئا.
* يوجد لديكم في شؤون المنتخبات منصب بمسمى مدير التخطيط الإعلامي ما هي مهامه وماذا تنتظرون من الزميل محمد العرفج الذي يتولى هذه المسؤولية..؟
* الإعلام هو أحد أهم الأجهزة وأكثرها حساسية في كل تحركات إدارة المنتخبات ومنتخباتها ومسؤوليها، خاصة أنها فرق رياضية تمثل الوطن في كل الميادين! ومن هذا المنطلق، حرصنا على وجود إدارة أو قسم يقوم بعمل إعلامي مبني على التخطيط لكل من:
- متابعة الطرح الإعلامي وتوجهاته.
- طريقة التعامل مع الإعلام من قبل مسؤولي الإدارة وأجهزتها الفنية والإدارية والطبية وغيرها.
- إدارة طريقة تعامل اللاعبين مع الإعلام.
- توفير التسهيلات للجهات الاعلامية خلال المهام (مباريات، تمارين، معسكرات، مؤتمرات إلخ).
- صياغة الأخبار والبيانات وتحديد التوقيت المناسب لنشرها.
- تدريب منسقينا الإعلاميين على نهج موحد للعمل في المنتخبات.
- التنسيق العام لكل ما هو إعلامي، وغير ذلك.
* لدينا حالياً حوالي 10 منتخبات.. ما هي الخطة.. ومن أوصاكم بها؟
- لدينا حالياً 9 منتخبات:
المنتخب الأول، منتخب تحت 22، منتخب الشباب تحت 19/20، منتخب الشباب تحت 18/17، ومنتخب الناشئين تحت 16 الذي خرج من التصفيات، وسيحل مكانه منتخب الناشئين مواليد 97، ومنتخب ناشئين آخر مواليد 98، و3 منتخبات براعم مواليد 99، 2000، 2001
ولا تستبعد أن تزيد منتخبات البراعم منتخب أو منتخبان خلال الأشهر القادمة بناء على المهرجانات العالمية التي يمكن أن تستحدث في الأشهر القادمة.
هذا العمل أخي أحمد لم نستنتجه نحن من أمزجتنا ومن خيالنا، بل هو عمل مبني على هيكلة فنية سبقتنا بها دول كثيرة، مثل إسبانيا وإيطاليا وإنجلترا وهولندا وألمانيا واليابان واستراليا وكوريا، بل والإمارات وعمان! وإن كانت نظرتنا لمثل هذه العمل ستكون بسلبية واستكثار، فلن تقوم لكرتنا قائمة.
* بعض المصادر تقول إنكم تعانون في إدارة المنتخبات من تعامل اتحاد الكرة بعد استقالة الأمير نواف وتولي أحمد عيد المسؤولية..؟
- صعوبات العمل شيء طبيعي، ونحن جزء لا يتجزأ من اتحاد الكرة أصلاً، ولكن بدون شك، بعد استقالة الأمير نواف، عانينا الكثير. وعلى أية حال، الأمور ستشهد انفراجا - بإذن الله - عمّا قريب، والاستاذ أحمد عيد يقوم بكل ما يستطيع ليذلل لنا جميع المعوقات، وأشكره على ذلك.
* من الأفضل في التعامل معكم الاتحاد السابق أو الحالي؟
- هو نفس الاتحاد لم يتغير. وإن كنت تعني رئيس الاتحاد، فبالتأكيد عدم وجود الأمير نواف يختلف عن وجوده! ولكن بأمانة أقولها لك، أحمد عيد يفعل كل ما يستطيع لتقليل الضرر، وأنا أول من يشهد بذلك.
* كيف تلقيت خبر تعيينك أمينا عاما للجنة الأولمبية.. وهل سيضر ذلك بالخطة التي وضعت للمنتخبات السعودية؟
- حقيقة الخبر مثّل لي تحديا كبيرا مع نفسي، و- بإذن الله - فقد عقدت العزم لأكون عند حسن ظن من اختارني له، وأن أعمل بكل ما أستطيع لتنفيذ تعليمات سموه رئيس اللجنة الأولمبية السعودية الأمير نواف بن فيصل، لتطبيق خطته التي من المفترض أن تمثل تغييراً نوعياً في شكل ومضمون الرياضة السعودية - بإذن الله -. والخطة التي تم وضعها للمنتخبات السعودية، هي خطة استراتيجية محكمة، نجاحها لا يعتمد فقط على إدارة المنتخبات ولا حتى على الاتحاد السعودي لكرة القدم فقط، ولكن يعتمد على كل الأطراف ذات العلاقة مثل الرئاسة وأنديتها ووزارات المالية والتعليم والصحة والشؤون البلدية والقروية، وغيرها وأنا على يقين بأن هناك من الكوادر من يستطيع أن يصل بمنتخباتنا للقمة إن قامت جميع هذه الجهات بواجباتها على أكمل وجه.
* البعض يقول تنك ستستهلك كطاقة وفكر في اللجنة الأولمبية دون فائدة لكون النتائج ليست في يدك، بل في يد الاتحادات الأخرى؟
- اللجنة الأولمبية هي الجهة الرياضية الأعلى لكل الرياضات، والدعم الذي تتلقاه الاتحادات الرياضية المختلفة، جلّه يأتي عن طريق اللجنة الأولمبية، وقوة هذا الدعم، ستعتمد اعتمادا كبيرا على الخطط المقدمة من كل اتحاد وعلى آلية وجودة العمل فيه. ولن يكون هناك دعم مميز، إلا للعمل المميز، والعكس صحيح..
* ميزانية اللجنة الأولمبية 6 ملايين ريال.. هل تكفي لإعداد أبطال أولمبيين؟
- الميزانية الحالية هي 10 ملايين ريال (بعد الزيادة)، وهي بكل تأكيد لا تكفي على الإطلاق، وأملنا كبير بمتخذي القرار بأن ينظروا في هذا الأمر بجدية، لأن ميزانيات الدول الأخرى المجاورة للجانها الأولمبية، تتعدى هذه الميزانية بخمسة أضعاف على الأقل.
* ما هو تصورك المبدئي للعمل في اللجنة الأولمبية..؟
- التغيير للأفضل، ووضع الأشخاص المناسبين في المكان المناسب، والاستفادة من الدول التي سبقتنا في المجال بطريقة عملية واقعية.
* كلمتك الأخيرة؟
- أشكرك على هذا اللقاء، وأتمنّى من الله أن يوفقني وفريق عملي لتقديم ما يرضي الله، ثم ما يضيف للوطن وأبنائه.