تتعدد الجوائز وتتنوع في كافة المجالات، وهناك توجُّه لدى العديد من القطاعات بتبني جوائزها سواء لمنسوبيها أو للجميع في مجال تخصص الجائزة.
القاعدة هي أن الجائزة أياً كانت تُشكِّل عنصر تحفيز وتشجيع في غالب الأحيان، متى مُنحت وفقَ تنظيم عادل وموضوعي يختار المُستحِق بناءً على جدارته وتميُّزه عن أقرانه في مجال تخصص الجائزة، لكن بعض جوائزنا يعتريها بعض السلبيات أو تمتاز ببعض أوجه القصور الذي يجعل الأسئلة حول استحقاقها وموضوعيتها مجال تساؤل ومحل نقد. آلية الترشيح للجائزة تُشكِّل نقطة رئيسة في مَنْح الجائزة.
غالبية الجوائز يُلاحظ أنها تعتمد على الطريقة الأسهل في وضع قائمة المرشحين لها، ألا وهي الترشيح عن طريق مؤسسات - قطاعات - إدارات مُعترف بها في مجالها. هذه الآلية معروفة عالمياً، لكن مشكلتنا المحلية تكمُن في إحجام المؤسسات ذات العلاقة وعدم تفاعلها بترشيح المستحق للجائزة سواء من داخلها أو ممن له علاقة بتخصصها، ولكم أن تسألوا القائمين على جوائزنا الكبرى كجائزة الملك فيصل وجائزة وزارة الثقافة وجامعة الملك عبد الله للترجمة وغيرها، كم من الترشيحات تُبادر الجامعات السعودية بتقديمها من ذاتها؟.. عليكم سؤال القائمين على الجوائز الإعلامية العربية والإقليمية عن عدد الترشيحات التي تصلهم من مؤسساتنا الإعلامية مباشرة وبمبادرة ذاتية؟ الإشكالية هي عندما يفوز أحدهم بجائزة، فيبدأ البعض القول بأن هناك من هو أحق بالجائزة.
ربما يكون هناك من هو أحق، لكن يجب فهم آلية الجائزة وبأن بعض المتميزين لا يتم ترشيحهم من قِبل إحدى المؤسسات التي تشترطها الجائزة. بعض الجوائز تَطلب من بعض المؤسسات ترشيح منسوبيها، لكن في ظل عدم وجود آليات واضحة في معايير ومواصفات المرشح، وفي عدم وجود آلية علمية لتحكيم إنتاج وقدرات المرشحين يتحوَّل الترشيح إلى أمر فردي من قِبل الإدارة أو المسؤول الذي يختار شخصاً أو أشخاصاً محدودين لترشيحهم للجائزة بحكم علاقتهم به أو باللجنة الشكلية التي يرأسها - يُوجهها سعادته.
بعض المسؤولين يَعتبر الجائزة فرصة لمكافأة أو إبراز شخص ما بإدارته رغم أن معايير الجائزة قد تنطبق على مستحق آخر بالمؤسسة. يظهر الأمر خصوصاً في الجوائز التقديرية التي لا تعتمد التحكيم العلمي الدقيق والتي تُوزع بناءً على (كوتة) محددة كأن يكون لكل قطاع فائزٌ يُمثله. نقطة أخرى في موضوع الجوائز هي نوعيتها وقيمتها، فبعضها يحمل قيمة معنوية واسمية كبرى بغضِّ النظر عن قيمتها المادية، وبعضها يكون ذا قيمة مادية كبرى، ولكن ليس بالضرورة قيمة معنوية أو رمزية أو علمية تُوازيها. أحد مُفسدات الجوائز لدينا المبالغة في القيمة المادية أحياناً لبعضها، وكأن المبلغ المادي الذي تمنحه الجائزة هو الأساس في قيمتها، أو كأن القائمين على الجائزة لم يستطيعوا إقناع المتلقي بقيمتها سوى عن طريق المبالغة في حجمها المادي. انتشار ظاهرة التكريم للمبدعين والمتميزين في مختلف المجالات أمرٌ مطلوب، وهذا ما يُفترض أن تقود إليه الجوائز، اكتشاف وتكريم المبدعين والمميزين وأصحاب العطاء الأبرز في مجالاتهم، وليس المقربين من الإدارات والظاهرين إعلامياً، أو في عيون المسؤول فقط.
أتمنى أن تُدرك مؤسساتنا - بالذات العلمية منها والثقافية - بأن فوز منسوبيها بأي جائزة يُعتبر إضافة لها تفتخر به وتُقدره، وبالتالي عليها دعم ترشيح منسوبيها للجوائز المختلفة.. كما أتمنى من كل جهة تتبنّى إنشاء جوائز تخصها أن تتأكد من دقة المعايير وصرامة تطبيقها بشكل عادل يتيح لأكبر فئة ممكنة الترشح للجائزة، وعدم الركون فقط إلى الترشيح الإداري.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm