علينا أن نكون أكثر صراحة، وأكثر صدقا، إذ لا تزال ظاهرة التجمهر - لدينا - في ازدياد مطرد؛ مما يدل على أن تناسبا عكسيا، يربط بين وعي المجتمع، وانحسار هذه الظاهرة. فيشفق عليهم العقل الواعي، ويستهجن أمرهم الشخص العاقل، ذو التفكير النيّر، والمبدأ القيّم.
ثقافة التجمهر، تعبّر عن تربية سلوكية خاطئة، - خصوصا - وأن متصفيها يقفون؛ من أجل المشاهدة، أو إعاقة الحركة لا أكثر. وتأمل: كيف يتسبب هؤلاء في إعاقة الأجهزة المعنية عن مباشرة أعمالها، - إضافة - إلى مضاعفة الآثار السلبية - لا قدر الله -. وهي قائمة طويلة من السلبيات، والتي أفرزتها قضية التجمهر، - سواء - كانت بشرية، أو اقتصادية، أو تنموية، أو إعلامية؛ مما يؤثر على كافة النواحي المرتبطة بهذا المزيج من المعطيات.
وحتى لا نعمل برؤية نظر واحدة، وهي رؤية قاصرة، فإن كثيراً من الدول المتقدمة، تعاقب على ظاهرة التجمهر بموجب قوانينها، وأنظمتها الصارمة، وإذا كان الأمر كذلك، فإننا بحاجة إلى ضرورة محاسبة هؤلاء، وإحالتهم إلى المحاكم الجزئية؛ لمحاكمتهم تعزيراً؛ من أجل القضاء على هذه الظاهرة. وتزداد تلك المطالبة، عندما تتسبب هذه الظاهرة في وفاة أحد المصابين من جراء حادث؛ مما يؤدي إلى جملة من الخسائر البشرية، ناهيك عن الخسائر المادية، وقد يتعدى الأمر إلى إتلاف بعض الممتلكات، أو تعطيل بعض المصالح.
ولأن مثل هذه المشاكل التراكمية، تتمحور حول ثقافة المجتمع في تعامله مع الكوارث، والأزمات، فإن تكثيف البرامج التوعوية، والثقافية حول خطورة هذه الظاهرة، وآثارها السلبية على أداء أجهزة الأمن، والسلامة، بات مطلبا مهما؛ من أجل السيطرة على منطقة الحادث بشكل آمن، وفعال.
لم يترك لنا الإسلام أمرا إلا بينه لنا، ومن ذلك: تقرير قاعدة: “درء المفاسد، مقدم على جلب المصالح”، وتأسيسا على هذه القاعدة الفقهية، هل نفتقر إلى ثقافة إدراك المسؤولية، عندما تتنامى ظاهرة التجمهر؛ لتجر معها خسائر هائلة، لا تخدم المجموع، أو قد تؤثر في أمنه، واستقراره؟.
مع أن ظاهرة كتلك، تمثل سلوكا غير حضاري، لا يتناسب مع القيم، أو والعادات، أو الأنظمة، ويزداد الأمر تعقيداً، عندما نتجاوز المشهد إلى توثيقه، وتصويره، ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي.
drsasq@gmail.com