جورج يقول: «التمساح عندما يطاردك لكي يفترسك لا تركض في خط مستقيم عليك بالركض بشكل متعرج يميناً وشمالاً؛ لأن التمساح يكون سريعاً في الخط المستقيم، ولا يستطيع تغيير اتجاهه بسهولة؛ ذلك لإنقاذ حياتك، اركض في اتجاهات مختلفة».

هذه نصيحة عمرها سنتان، وهي نظرية «جورج والتمساح»، تعلمتها من صياد سمك أمريكي عمره يتجاوز 60 سنة. في ذلك اليوم كنتُ أستمتع بالأجواء الجميلة بإحدى البحيرات في ولاية فلوريدا، كان حينها السحاب في عناق مع السماء، وأشعة الشمس تتلألأ في أحضان البحيرة الزرقاء، كل هذه المتعة قُتلت وتحولت إلى خوف ورعب سببه هذا الصياد «جورج»، وهو - بدون أي مقدمات - يحذِّرني من وجود تماسيح في هذه البحيرة. من ذلك اليوم كلما شاهدتُ بحيرة تذكرتُ نصيحته «لا تركض في خط مستقيم عندما يطاردك تمساح». سامحك الله يا جورج؛ طيلة سنتين وأنا مؤمن بنظرية «جورج والتمساح» وكأنها حقيقة علمية غير قابلة للجدال أو المناقشة حتى اهتزت جدة مساء الأربعاء الماضي بإعصار يقول أنا «أهلي» ولستُ «ساندي»؛ فاهتزت جدة برياح خضراء و»الهزيز» صوت الريح كان يردد: «وعبر الزمان سنمضي معاً».

بعدد الأيام 730 يوماً قضيتها وأنا مؤمن بنظرية هذا العجوز الأمريكي، لكن بعد «إعصار جدة الأخضر» تغيَّرت كل قناعاتي، فأقولها بصوت عال: عذراً يا جورج، تماسيحكم في أمريكا «مشي حالك»، يعني «تماسيح أي كلام».

أحد عشر تمساحاً في الديربي الآسيوي ركضوا في كل الاتجاهات بالقوة والعزيمة والإصرار نفسها، وافترسوا «النمر الاتحادي»، إنها الحقيقة، لا جدال فيها, وها هو الأهلي بروح العطاء يسطر نظرية جديدة تناقض كل الأبحاث العلمية المتعلقة بحركة التماسيح، وكأن «تماسيح جدة» لها عالمها الخاص، وهي تفترس كل من يعترض طريقها!!

ها هو الأهلي يتجاوز الاتحاد في مباراة ديربي آسيوي، ستبقى في تاريخ الكرة قصة تروى للأبد، عنوانها «سفير الوطن.. شموخ وفن.. وعبر الزماااان...سنمضي معاً».

يستحق «الأهلي» أن تُفرد له كل المساحات، وأن تتوحد كل أقلام الإعلام مهما اختلفت ميولها، كيف لا نكون «أهلي» وهو اليوم يمثل الوطن سفيراً في النهائي الآسيوي؟ هذا الكيان لا يمثل نفسه بل هو «صوت الجميع»، ومن يحب «الوطن» يحب «الأهلي» في هذه الأيام؛ فلنتوشح جميعاً بلون الوطن، ونرفع العَلَم السعودي عالياً؛ لكي يرفرف في سماء كوريا في النهائي المنتظر، حينها انتصار الأهلي يسجَّل باسم الوطن.

«على الطاير» ما بين السطور

** الأمير خالد بن عبدالله رئيس هيئة أعضاء الشرف بالنادي الأهلي سر توهج «سفير الوطن» في هذا الزمان, رجل «حكيم»، يعمل بصمت، لا يبحث عن الأضواء رغم دعمه المادي والمعنوي الكبير لهذا الكيان، لا يريد أن يتحدث في الإعلام بل يريد أن يعمل فقط.. هكذا هم الكبار، دائماً أعمالهم هي ما تترجم حكاية العطاء!!

** «الفكر قبل المال» عنوان يختصر من هو رئيس نادي الأهلي الأمير فهد بن خالد, لله درك يا فهد وأنت تعلم من حولك كيف تخطط وتوجِّه وتنفذ.. منذ ثلاث سنوات وهذا الرجل يزرع بذور التميز الأهلاوي.

** المدرب التشيكي جاروليم لعبها بذكاء في الديربي الآسيوي، هذا المدرب هو موطن الاستقرار الفني ولغة القوة التي يتحدث بها الأهلي.

** البن البرازيلي في ديربي جدة بنكهتين «الوفاء فيكتور» و»الخيانة سوزا!!».

** المعيوف الحارس الأهلاوي قطع الماء والكهرباء عن نايف هزازي في ظل شجاعته وحسن توقيته في الخروج للكرات العرضية بسرعة ودقة قبل أن تلامس رأس هزازي.

** لا جديد، أسامة المولد وإبراهيم هزازي خارج نص الروح الرياضية. عار في رياضتنا السعودية ما حدث بعد نهاية المباراة؛ وعلى الاتحاد السعودي ألا يكتفي بالعقاب الآسيوي.

** منصور الحربي قلة خبرته قادته للرد على تهجُّم إبراهيم هزازي باللغة اللأخلاقية نفسها؛ فخسر الحربي المشاركة في النهائي الآسيوي, ويستحق الحربي البطاقة الحمراء؛ لأن هناك قانوناً يحميك يا منصور، ولسنا في باب الحارة، كل واحد يأخذ حقه بيدَيْه!!

** مصطفى بصاص في الأهلي وفهد المولد في الاتحاد مشروع نجمين ينتظرهما مستقبل كبير في الرياضة السعودية، بشرط أن يعرفا أنهما ما زالا في بداية المشوار، وألا يلتفتا إلى أضواء الإعلام الحارقة لأي نجم!!

** جمهور الأهلي حالة خاصة في فن التشجيع، نعيشها منذ فترة في المدرجات الخضراء، يجعلك تدرك أن هناك عملاً منظماً بقيادة سعود برقاوي رئيس رابطة جماهير الأهلي.

** الاتحاد يعاني أزمة إدارية في ظل لا نظام يحكم الفريق، ولك أن تتخيل أن كل هدف كان يسجله نايف هزازي يحتفل به في دبي، وأبعد من ذلك في ظل المنافسة الآسيوية التي تحتاج إلى تركيز ذهني يعلن خطبته؛ فأصبح «نايف» جسداً في ملعب جدة وقلباً معلقاً بيد بلقيس في دبي!!

** البيان الاتحادي حول الأحداث التي حدثت بعد المباراة، الذي كتب صك براءة إبراهيم هزازي من الأحداث المؤسفة، وأنت تقرؤه تشعر بأن الذي كتبه شخص لم يشاهد المباراة التي شاهدناها جميعاً. وفي ظل هذه البيانات سيبقى مسلسل الأخلاق اللارياضية مستمراً في عرض حلقاته. ليس عيب أن تخطئ؛ العيب هو أن تستمر في الخطأ!!

** على الأهلي أن ينسى فرحة الفوز في الديربي الآسيوي، وأن يركز ذهنياً على النهائي الآسيوي؛ فالفريق الكوري أولسان ليس بالفريق السهل، والمباراة في أرضه ووسط جماهيره، لكن في المباراة النهائية كثير من لغات الحسابات تتغير؛ فلنعش بتفاؤل وأمل، وندعم «سفير الوطن»، لا مستحيل في لغة كرة القدم!!

خارج النص

السائح السعودي مع أسرته عندما يسافر للخارج تلقاه يضحك وهو مبسوط في المطعم، وحوله العوائل والعزاب معاً.. ولما يرجع إلى السعودية قبل أن يطلب الأكل يقول «وين الحواجز»؟!!