جاءت مطالبة خادم الحرمين الشريفين الأسبوع الماضي خلال حفل الاستقبال السنوي للشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج الذين يؤدون فريضة الحج لهذا العام للأمم المتحدة بمشروع إدانة أي دولة أو مجموعة تتعرّض للديانات السماوية في وقتها، إذ إن ما يقوم به
البعض قد يؤدي إلى زيادة التطرّف والعنف في العالم في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى تعزيز وسائل الاعتدال والوسطية التي يدعو لها ديننا الحنيف. ولنا في ما حدث مؤخراً بشأن الفيلم الذي تم عرضه ويتضمن ما يسيء إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبرة، ففي الوقت الذي تقوم شرذمة من الحاقدين الحاسدين لأغراض وأهداف معروفة بنشر مثل هذه المواد البغيضة التي تسيء إلى ديننا الحنيف مستغلة ردة الفعل المتوقعة من قبل بعض المتحمسين لديننا الحنيف الذين سيقومون ببعض الأعمال الخارجة عن حدود النظام وغير المبررة والتي لا يقرّها عقل ولا دين للقيام باعتداءات إرهابية مثل مقتل السفير الأمريكي في ليبيا واقتحام بعض السفارات في صورة همجية تسيء إلى صورة وسماحة الدين الإسلامي ولا يكتفى بهذه الإساءة بقدر ما تدخل أتباع هذا الدين في صراع مع جهات مختلفة مهددة مصالحهم في كل الدول الإسلامية مما يساهم في إثارة العنف ويحقق أهداف تلك الفئة الحاقدة والتي لم ينلها شيء من عقاب أو ردع على الرغم من أنها هي أساس البلاء وهي المحرك الرئيس خلف تلك المواد الإعلامية التي تسيء إلى الأديان السماوية.
والغريب أن بعض المنظمات الدولية تقف مع مثل هذه الجهات بحجة حرية التعبير والذي أصبح مطية يتم استخدامها بشكل دوري للاعتداء على كافة المقدسات أو غيرها مما له صلة بالأديان السماوية، وفي الحقيقة فإن مبدأ حرية التعبير أصبح أداة قتل وسلاح فتَّاك يتم استخدامه للفتنة بين الشعوب أصحاب الديانات المختلفة مما يساعد على قطع كل وسائل وروابط الحوار الممكنة مستقبلاً واتساع الهوّة بين الثقافات الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث ما يعرف بصدام الحضارات.
إن دعوة خادم الحرمين الشريفين للأمم المتحدة يجب أن تؤخذ بمحمل الجد من قبل الجهات الدولية ولا يتم تجاهلها مثل ما تم مع دعوات سبقت مثل دعوات وزراء خارجية الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي عبر مطالبتهم حكومات العالم في بيان نشر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أو غيرها من الدعوات التي وردت في كلمات بعض رؤساء الدول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، وأن يتم إخضاعها إلى التنفيذ في أقرب وقت لأن الإساءة إلى مليار وسبعمائة مليون مسلم على وجه الأرض وتجاهل الحساسيات الثقافية والاجتماعية والدينية والتخفي وراء قناع حرية الرأي والتعبير وغض النظر عن ما ينشر هنا وهناك من رسوم أو أفلام أو مقالات أو مسرحيات أو غيرها من المواد الإعلامية أو حرق للمصحف الشريف دون الأخذ على يد المسيء من شأنه أن يثير الفوضى والعنف في كل أنحاء العالم، فإن لم تقم الأمم المتحدة بدورها في تجريم وإدانة أمثال هؤلاء فسيقوم بذلك أتباع تلك الديانات.
إن الأمم المتحدة وحدها لن تكون كفيلة بردع أمثال هؤلاء لوجود أصحاب نفوذ على رأس هذه المنظمة الدولية قد لا يروق لهم مثل هذا القرار وخصوصاً أنه سبق لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن أجاز قرارات غير ملزمة عارضها الغرب ضد تشويه صورة الدين وذلك منذ أكثر من عشر سنوات ولذلك فلا بد من وضع كل السبل اللازمة والكفيلة لردع وإدانات هؤلاء المسيئين فهو أمر خطير للغاية على الشعوب والحكومات والثقافات مما سيساهم في غلق أبواب التقارب والتصالح والحوار والتسامح وستفتح أبواب الكراهية والعنف والقمع والتعصب الديني وهو ما يسعى إليه الكثير حول العالم والذين لا هم لهم إلا رؤية الدماء تسيل باستمرار وفي كل مكان وخصوصاً في عالمنا الإسلامي.