وهل يرتـــوي وامق من بارق الآل..!
هذا شطر بيت للشاعر الراحــل طاهر زمخشري الذي غادر دنيانا -يرحمه الله- وهو لم يرتو من هذه الدنيا، لا هوى ولا مال, ولا هناء.. وأسأل الله أن يكون قد ارتوى في رياض الجنان.
أما الناس -في هذه الحياة - فهم تماماً كالشاعر الراحل كلهم غير قادرين على الارتواء من أنهار هذه الدنيا حتى إذا ما تحقق -يظل نسبياً- وهؤلاء يبقون سعداء لأنه تحقق لهم بعض الارتواء.. أما البعض الآخر فإنهم لا يرتوون إلا من الأحلام وبارق السراب!! وهل يرتوي وامق من بارق الآل؟! إنه سؤال أزلي طرحه شاعرنا الراحل.
ترى هل الظمأ أو عدم القدرة على الارتواء أو بتعبير آخر, هل الحرمان فطرة في الإنسان؟!
إنني لأحسب ذلك كذلك لكيلا يركن الإنسان إلى جانب الدنيا ويظل يتطلع إلى الارتواء الأندى وإلى الكمال, ولا كمال إلا في رحاب الله في جنان لا يظمأ فيها ولا يشقى.
ومن جانب آخر تبقى الحياة الدنيا أندى, ويبقى الغد منتظراً, بل يكون للأيام نكهتها ما دام الإنسان يطمح إلى أشياء لم ينلها ويسعى إلى الارتواء منها, أو -على الأقل- يحلم بذلك لتعطي لسعيه معنى, ولحياته قيمة..!
لكن لعل أقسى ما يمر على الإنسان أن يتلظى على أوار الظمأ والماء يجري من حوله زلال.. وخذوا مثلاً: فقد يكون لديه “المال الوفير” لكنه لا يستطيع أن يستمتع به إما لحرمان في نفسه أو لظروف مرض في جسده, فقد يكون لديه أشهى المأكولات لكن لا يستطيع أن يتناول إلا الأدوية, وقد يكون لديه الجمال ولكنه لا يرى هذا الجمال, فهو -أصلاً- قد أغشى عينيه فلم ير في الوجود شيئاً جميلاً.. وهذا لعله أشقى الناس!
إن من حكمة الله وعدله أن يظل الناس -في هذه الدنيا- كلهم ظمأى إلى شيء.. إذ لا ارتواء أبداً إلا في عالم الأحلام, والظمأ يبقى..
وهل هذا يروي؟
بالطبع.. لا..!
=2=
الأجهزة الجديدة وذكاء يفوق ذكاءنا..!
أجهزة الجوالات الذكية ما “يمدي” الواحد منا يشتريها ويهنأ بالمميزات الجديدة التي تتوفر فيها إلا وتظهر موديلات أخرى تزهدك بجهازك الجديد الذي لتوَّك اشتريته.. شدني كاريكاتير “للهليل”، رسم شخصاً اشترى جهاز جوال جديد واعتذر لأصدقائه أنه سيغيب عنهم ثلاثة أيام ليستفيد ويستمتع بمميزات الجوال الذي اشتراه قبل أن تباغته الأسواق بجوال أحدث!
ترى كم استنزفت هذه الأجهزة من الجوالات وأجهزة الكمبيوتر من جيوبنا.. وكم هي الأجهزة التي تخلى الواحد منا عنها وأضحت من سقط المتاع بعد أن بدأنا استخدام هذه الأجهزة!.
إنها لعبة الشركات التي تعزف على رغبات المستهلكين باقتناء الأحدث والأجد.
كم هي ذكية هذه الشركات بأكثر من ذكاء أجهزتها الذكية..! إنها مع كل جهاز تقدم مميزات جديدة فيسارع المستهلك إلى اقتنائها متوقعاً أنه لا جديد بعدها.. ثم يفاجأ بعد فترة وجيزة من اقتنائه الجهاز بطرح منتج آخر يحوي مميزات أحدث.
إنها ثقافة الإغراء واستنزاف الجيوب
وعذراً
ألسنا في عصر عولمة الاستهلاك؟
=3=
- آخر الجداول -
((وَما وَجدُ أعرابيّةٍ قذفت بها
صُرُوفُ النَّوى مِن حَيثُ لَم تَكُ ظنَّت
إذا ذكرت نجداً وطيب ترابه
وخيمة نَجْدٍ أعْوَلَتْ وأرنَّتِ))
hamad.alkadi@hotmail.comفاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi