من الشعارات التحفيزية الجميلة التي نكررها تلك التي تتحدث عن الانتقال للعالم الأول، ونجدها تتكرر بالذات عند رعاية المشروعات الكبرى.. الموضوع في تعريف هذا الشعار شائك، كما هو شائك المواصفات والفروقات التي تميز بين عالم أول وثانٍ وثالث. لن أغوص في التفاصيل لكن أبسط الأمر بأن الانتقال للعالم الأول يعني منافسته في أمر ما فنقول بأننا ضمن العالم الأول في مجال محدد، قبل أن نفكر في جميع المجالات.. لنأخذ مجال النقل.
هذه أفضل خمسة قطارات في العالم ونحن بصدد تأسيس شبكة قطارات حديثة، فهل يمكننا تأسيس ما هو أفضل منها، لنصبح ضمن الأوائل في هذا المجال؟:
1 - قطار لندن باريس والذي يمر ضمن نفق بمعدل ثماني عشرة رحلة يومياً يتم قطعها خلال ساعتين وربع فقط.
2 - قطارات الطلقة -طوكيو أوزاكا- تغطي طرق تتجاوز 552 كيلومتراً وتعتبر معلماً يجب أن يركبه كل زائر لليابان تتجاوز أطوالها 552 كيلومتر يتم قطعها خلال ساعتين ونصف فقط.
3 - قطار موسكو سانت بتسبرق الروسي يقطع مسافة يقطع مساقة 650 كيلومتراً في ثلاث ساعات وخمسين دقيقة بسرعة تصل إلى 250 كيلومتراً في الساعة.. وتقدم في درجته الأولى وجبات غذائية كالطائرات.
4 - قطار نيويورك واشنطن يقطع المسافة بينهما في ساعتين وسبع وأربعين دقيقة فقط، مجنباً الركاب كل زحمة الطيران والسيارات المزعجة بين هاتين المدينتين.
5 - قطار بيجين شنقهاي بالصين هو الآخر مثال للقطارات العالمية، حيث يقطع 1318 كيلومتراً في خمس ساعات ونصف.. وهي تعادل نصف المدة التي كان تقطعها قطارات ما قبل 2009 بالصين.
إذا لم نستطع أن نفعل فهذا يعني أننا غير قادرين على ولوج العالم الأول الذي نردد بأننا ننتقل إليه.. الأمر ليس معقداً، بل إن فرص المملكة في هذا الشأن أفضل من الدول المشار إليها أعلاه، سواء من ناحية البدء بخطوط جديدة بعيدة عن تعقيدات الإصلاح والتعديل، أو من ناحية الظروف الطبوغرافية أو من ناحية الإمكانات المادية التي تتيح لها حرق المراحل كما يقال.. ولتوضيح ذلك أطرح مثالاً آخر في النقل؛ مطار دبي، فهذا المطار عمره قصير، بل إن مطارات عديدة بالمنطقة وخارجها كانت أكبر وأفضل منه، لكن بالتصميم والإرادة ينافس مطار دبي حالياً على الأفضلية ضمن مطارات العالم؛ بل إنه مخطط له أن يصبح المطار الأول على المستوى العالمي في نقل الركاب عام 2018م حين ينقل 90 مليون راكب في السنة متجاوزاً بذلك المطار الأول في العالم حالياً، مطار هيثرو، الذي يعبره حوالي 70 مليون راكب سنوياً.
الانتقال للعالم الأول ليس مجرد أمنيات، بل إرادة وفعل.. العالم الأول ليس مجرد شارع أو مطار أو جامعة نبنيها، بل تأسيس كامل لبنية إدارية تنظيمية مالية واجتماعية.. مطار دبي لم يكن أكبر من مطار الملك فهد لكن تأسيسه تكامل مع تطوير قوانين السفر والاستثمار والإدارة.
طموحنا أن ننافس في أمور غير معقدة كالنقل بعد أن خسرنا في أمور أخرى، لكن يقلقني السؤال: إذا كنا غرقنا في متاهات الخط الحديدي العتيق بين الرياض والدمام وعانينا في سنة أولى تشغيل لقطار المشاعر، فكيف ستنافس قطاراتنا العالم الأول؟.. إذا كان فشلنا في تشغيل مطار الملك فهد بالكامل وأقصى طموحنا في مطار الملك خالد الوصول إلى 25 مليون راكب سنوياً، فكيف سننافس العالم الأول في النقل..؟.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm