من يمشي وهو يجهل وجهته فإنه سيصل لمكان ما.. لكن لن يعلم هل يريد أن يكون فيه أم أنه سيبحث عن آخر.. وبالتالي تتحول حياته إلى لعبة توقعات لا شيء فيها مؤكّد أو واقعي.. يضيع معها الوقت والجهد والعمر، وفيها الكثير من الخيبة.
ولكي تحدد وجهتك الصحيحة لا بد أن تعرف حقًا من تكون؟ وما هي قدراتك؟ وذلك لن يكون دقيقًا في حال كنت غير راض عن نفسك.. سواء كان السبب رأي الآخرين بك.. أو صورتك التي تراها في مرآة ذاتك.
ويشير (بريان تريسي) إلى «أن ما نعتقده اعتقادًا قويًا يمتزج مع شعورنا، ويصبح حقيقتنا سواء أكان الشعور إيجابيًا أم سلبيًا، سواء كان لمصلحتنا أم ضدها، وسواء كان مبنياً على حقائق أو أوهام».
فعندما تعتقد أنك سيئ أو أن حياتك مظلمة.. فإن حياتك ونفسك لن تكون أكثر مما اعتقدته عنها..وسوف تعمل على تحقيق ذلك دون أن تلاحظ.. وسترى حياتك تتهاوى وعلاقاتك تتداعى.. حتى تجد نفسك وحيدًا بائسًا.
على عكس اعتقادك أنك إنسان رائع وحياتك قابلة للتغيير والإصلاح.. لأنك تستحق وعلاقتك بنفسك متينة ومبنية على تجاوز العثرات والبحث والاكتشاف.. ولسوف تزدهر علاقاتك وتنضج.. وتقطف ثمارها سعادة وراحة بال.
وعلى مستوى العلاقات الإنسانية يحدث أن تجرحك الكلمات وتبالغ في إيلامك حتى تفقد القدرة على تحمّل المزيد.. بالتالي تتغيّر خريطة المشاعر في داخلك..
ويحدث أن تعجز عن تفسير أفعال البشر حولك وتحتاج معهم لمترجم لنوازع النفس لتستوعب كيف يعذبك من تحترم وتحب!
ويحدث أن تتجرّع كأس الحيرة والتيه بين موقف قائم قاتم، وماض مترع بالنور والجمال فلا تستطيع أن تجمع جنة الماضي، مع جحيم الحاضر!
وسؤال كالسوط يهوي على عقلك لماذا يفعل ذلك؟
فأنتَ نهر عطاء تدفق في حياته ليمنحه حياة واستقراراً وسعادة..
هنا عليك أن تتوقف لتقيس مدى مسؤوليتك عن ما يحدث، فهل صرحت سابقًا عن ما يزعجك من الطرف الآخر؟
أم تركت له مهمة استشفاف ما تشعر به.. وقد كان هو قبلك رهين التوقعات..
وهل نظرت لحاجات الآخر في حياتك كأمر مهم حتى لو كانت في اعتبارك مجرد ترف أو توافه؟
وهل سبق ورسمت حدوداً لعلاقتك؟ بحيث لا تسمح للآخر أن يتجاوزها لأن تداخل المساحات الشخصية مدعاة لتعارض الرغبات والحاجات وضياع للهوية..
أم أنك تركتها للحظ وقانون الطوارئ الذي نخسر معه في كل اصطدام جزءاً كبيراً من مشاعرنا وجزءاً أكبر من أحبابنا.
amal.f33@hotmail.com