|
الجزيرة - الاقتصاد:
احتفظت المملكة بمكانتها بوصفها أكبر دولة عربية مستقطبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، بحصة تقدَّر بـ 40 %، بفارق كبير عن تاليها الإمارات العربية المتحدة، التي بلغت حصتها 18.9 %. ووفقاً للتقارير المتخصصة فإن معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2003 حتى الوقت الحالي اتجهت إلى ثلاث دول خليجية، هي (المملكة والإمارات وقطر)، غير أن المملكة استقطبت الحصة الأكبر من تلك الاستثمارات لعام 2011م، بعدد 161 مشروعاً قيمتها 14.7 مليار دولار؛ ما جعل منها أكبر جاذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة من حيث القيمة.
وأظهرت البيانات الأولية عن 2012م أن الدول الخليجية الثلاث واصلت جذب أكبر عدد من المشاريع الاستثمارية، غير أن الإمارات تفوقت على المملكة في استقطاب تلك المشاريع من حيث العدد والقيمة، بينما شهدت مصر عودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها.
جاء ذلك وفق تقرير شركة «إرنست أند يونغ»، الذي كشف عن ارتفاع العدد السنوي لمشاريع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط من 362 عام 2003 ليسجل رقماً قياسياً بلغ 1070 مشروعاً عام 2008، وينخفض عامي 2009 و2010 مع تراجع الاقتصاد العالمي والإقليمي، ثم يرتفع مجدداً بنسبة 8 في المئة ليبلغ 928 مشروعاً عام 2011.
وقد لاحظت شركة «إرنست أند يونغ» في تقريرها الصادر بالتزامن مع «قمة آفاق جديدة للنمو 2012»، التي عقدت بالدوحة بعنوان «استبيان الجاذبية الاستثمارية للشرق الأوسط»، أن قيمة هذه الاستثمارات ظلَّت منخفضة عام 2011 مقارنة بعام 2008، على الرغم من «الانتعاش المتواضع الذي سجلته عام 2010». وبيَّنت نتائج الاستطلاع أن الشهور الستة الأولى من السنة «شهدت تطورات مماثلة؛ إذ استقر عدد المشاريع وقيمة الاستثمارات أو انخفضا عن مستويات الفترة ذاتها من عام 2011».
في السياق ذاته أوضحت تقارير أخرى أن دول مجلس التعاون الخليجي استحوذت على 63 % من إجمالي الاستثمارات الواردة إلى الدول العربية، في الوقت الذي تراجعت فيه الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى الدول العربية مقارنة بالاستثمارات العالمية التي حققت ارتفاعاً ملحوظاً خلال العام 2011. وأظهر تقرير الاستثمار العالمي للعام 2011 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن تراجع الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى الدول العربية عائد إلى تأثر دول الخليج العربية بتداعيات الأزمة العالمية من جهة، وعدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة العربية من جهة ثانية. وذكر أن هذه الأسباب أدت إلى تراجع القدرة على تمويل وتنفيذ المشاريع الكبرى؛ حيث يقدَّر حجم مشاريع البناء التي أُلغيت أو عُلّقت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنحو 1.74 تريليون دولار حتى أكتوبر 2011. وأوضح التقرير أن تسع دول عربية ارتفعت فيها تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي (البحرين والجزائر وجيبوتي والمغرب والإمارات والعراق والكويت وفلسطين وجزر القمر)، في حين انخفضت في بقية الدول العربية الأخرى.
ويعرض تقرير «إرنست أند يونغ» تحليلاً عن تطور تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى دول المنطقة في العقد الماضي، ودراسات عن التدفق منذ العام 2003، معززاً باستطلاع آراء 355 مسؤولاً تنفيذياً محلياً وعالمياً حول توقعاتهم. وأكد مسؤولون تنفيذيون شاركوا في الاستطلاع أن اقتصادات دول المنطقة «لا تزال تتسم بإيجابيات كثيرة بالنسبة إلى آفاق الاستثمار الطويل الأمد». ولفت جاي نيبي رئيس الأسواق في منطقة أوروبا والشرق الأوسط والهند وإفريقيا في «إرنست ويونغ» إلى أن أسواق الشرق الأوسط «تتمتع بمزايا كثيرة تسعى إليها الشركات في وجهات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مثل الأسس القوية والنمو السكاني الجيد ووفرة الموارد الطبيعية». واعتبر فيل غاندير رئيس خدمات استشارات الصفقات في «إرنست أند يونغ» الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن الثلاثي الخليجي «نجح في رسم صورة إيجابية عنها في أذهان المستثمرين واستقطاب حصة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة الفعلية». وأوضح أن المستثمرين العالميين «يرون فيما تتمتع به هذه الدول من أسواق داخلية أكبر، وزبائن يسهل الوصول إليهم في شكل أكبر، وبيئة سياسية مستقرة وبنية تحتية أفضل في قطاعي النقل والإمداد، أكثر العناصر جاذبية للاستثمار في هذه الاقتصاديات».
كما رصد التقرير «تجاوز عدد المشاريع التي أطلقها المستثمرون من منطقة الشرق الأوسط، وللمرة الأولى، عدد المشاريع التي أعلنها مستثمرون من الدول الغربية»، على الرغم من أن أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية شكلتا المصدر الأكبر للتدفقات الاستثمارية إلى أسواق الشرق الأوسط، لكن ذلك لم يمنع المستثمرين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من البقاء في صفوف أكبر خمس دول مصدرة للاستثمارات إلى أسواق المنطقة عام 2011؛ إذ بلغ عدد المشاريع المستثمرة فيها 180 و100 و61 مشروعاً على التوالي، وكانت الهند من الدول الخمس التي استثمرت في 76 مشروعاً بزيادة نسبتها 12 في المئة عن العام السابق.